يتمتع النظام العقابي بجانب كبير من اهتمام المشرع لما له من أثر في تعزيز الشعور
الجماعي بتحقيق العدالة من خلال مساءلة الشخص عن الأفعال الجرمية التي يرتكبها
و بالتالي إيقاع العقوبة المناسبة. و حتى يكون النظام العقابي أقرب للعدالة ينبغي أن ينتهج
المش
رع سياسة تفريد العقاب التي من شأنها الصعود بالعقوبة إلى حدها الأعلى من خلال
التشديد، و الهبوط بالعقوبة إلى حدها الأدنى من خلال التخفيف و ذلك تبعا لظروف
الفاعل، و الحالة التي يكون عليها لحظة ارتكاب الجريمة، و كذلك تبعا لسياسة المشرع
الجنائية.
سأحاول في هذا البحث الكشف عن طبيعة التصور الرشدي لحدوث الحركة بين الموجودات في العالم ، و طالما أن الموجودات تتألف من مادة و صورة فإن الحركة تقوم على الاتحاد بين المادة و الصورة حتى تحصل عملية التحوّل من القوة الكامنة في المادة عن طريق الفعل الموجود
في الصورة، و هنا يأتي دور الفاعل "المحرك" الذي يحرك المادة للاتحاد بالصورة عن طريق الحركة . و بذلك فإن الحركة إنما هي بمثابة صيرورة جدلية بين المادة و الصورة التي تؤلف طبيعة الموجودات في العالم ، و بذلك تظهر الحركة على أنها إخراج المادة إلى الصورة عن طريق القوة و الفعل بواسطة الصيرورة الحركية بين الموجودات . و من ثم فإن تصور الحركة عند ابن رشد يبرز أهمية المادة و الصورة و القوة و الفعل كعناصر أساسية لحدوث الحركة في الوجود ، و التي تحتاج إلى محرك و متحرك " المادة و الصورة و الفعل و الفاعل".