ترغب بنشر مسار تعليمي؟ اضغط هنا

إنَّ اللُّغةُ هيَ أداةُ التَّواصُلِ ذاتُ الدَّورِ الأهمِّ في حياةِ الإنسانِ و علاقتهِ معَ بيئتهِ، و تقويمِ صلتهِ بالمجتمعِ الّذي يُولَدُ و يندمجُ فيه. و لطالما كانتِ ابنةُ المجتمعِ، المُتأثّرة بتطوّرهِ، و المُتأخِّرة بتأخُّره. و بما أنَّ الفُصحى هيَ لغةُ التّعامُلِ الرّسميّة، الرًّصينةِ بنحوِها، و صرفِها، و مُفرداتِها المُنتقِلة منَ السّلف إلى الخلف، إلّا أنَّها قد تكونُ في كثيرٍ منَ الأحيانِ صعبةَ التّطبيقِ و الوُصولِ إلى جميعِ الناسِ على اختلافِ مقوّماتهم الثّقافية، فمنَ الصَّعبِ أن تنقُلَ الواقعَ و إيقاعاته بشفافيةٍ إلى جميعِ النّاس، و أن تُعبّرَ عنِ الحياةِ ببساطتِها و عفويّتها، و تصِل إلى النّاسِ على اختلافِهم. و بما أنَّ ظاهرةَ وجودِ اللغةِ العامّيّةِ إلى جانبِ الفُصحى، ظاهرةٌ لُغويّة في جميعِ دُوَلِ العالم، مِن هنا جاءتِ الحاجةُ في الرّوايةِ العربيّةِ بشكلٍ عامّ، و الرّوايةِ الرّيفيَّةِ بشكلٍ خاصّ، إلى لُغةٍ وُسطى بينَ الفُصحى و العامّيّة، لٌغةِ حِوارٍ رِوائيّة قادِرة على تقريبِ الفُصحى منَ الحياةِ اليوميّة و إبداعِ صياغةٍ حواريّة تمنحُ الشّخصيّاتِ ملامِحَها النّفسيّة و الاجتماعيّة، لغةٍ مقبولةٍ عندَ مُختلفِ مُستوياتِ القُرّاء العلميّة و الثّقافيّة، و مكانتِهِم الاجتماعيّة، تخدِم النّصّ الرّوائي في التّعبيرِ عنِ العواطفِ الإنسانيّةِ الّتي تخرجُ بِلا وعيٍ، حيثُ تعجزُ الفُصحى برصانتِها و تركيبها عنِ أدائهِ و التّعبيرِ عنهُ، دونَ المساسِ بمكانةِ الأخيرةِ و قواعدِها و مبادئِها الأساسيّة انطِلاقاً من أنَّ الفصحى كانت في يومٍ منَ الأيّامِ لُغةً عامّيّة، نزلت بلهجاتٍ مُختلِفة، عُبّرَ عنها سابقاً بكلمة "اللغة" أو "اللسان". قالَ تعالى: {وما أَرْسَلْنَا مِن رَسولٍ إلَّا بِلِسانِ قَومِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُم فَيُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشَاءُ وَ يُهدِي مَنْ يَشَاءُ وَ هُوَ العَزيزُ الحَكيمُ}.
هدف هذا البحث إلى دراسة التراكيب الثابتة التي تنتمي إلى الذاكرة اللغوية و تحفظ فيها، و تُسَتدعى عند الحاجة إليها، و هي استعمالات لغوية لا يمكن إنتاجها إبداعياً، لأنها لا تتبع النظام اللغوي العام المجرد أو الكفاية اللغوية. و لما كان هذا الموضوع واسعا ً، فقد اختارت الدراسة باب المفاعيل و عملت على حصر أنماطه، و دراستها، و قد كشفت هذه الدراسة عن أن إخضاع هذه التراكيب التي تشبه المثل إلى باب المفاعيل قد أدى إلى أنواع كثيرة من التأويل و التقدير. و قد وجدت الدراسة أن أغنى أبواب المفاعيل بهذه الظاهرة كان باب المفعول به و باب المفعول الطلق. و حاولت الدراسة تقديم تفسير لهذا الأمر متبعة المنهج التحليلي.
تخضع اللغة العربية كغيرها من اللغات الحية لقانون التطور الذي يفترض أن يطـال المجالات اللغوية جميعها، التركيبية منها و الصرفية و الصوتية و المعجمية و الدلالية. يتناول هذا البحث أحد مظاهر التطور النظمي للغة العربية الفصحى، ألا و هو تركيـب المبنـي حيث يكون الفاعل الحقيقي معلوماً.
mircosoft-partner

هل ترغب بارسال اشعارات عن اخر التحديثات في شمرا-اكاديميا