يحتوي البازلت المرافق للانهدام السوري الكبير كميات كبيرة من الحشوات المعطفية التي درست في ثلاثة مواقع هي: جبل العرب في الجنوب (S), المحيلبة و النبي متى في الوسط (M)، و الجوبات و القدموس في الشمال (N) تتوزع هذه الحشوات في كل مخروط بركاني، و لاسيما مخ
اريط المنطقة الجنوبية بشكل تكون فيه غزيرة في الأسفل، و نادرة أو قليلة عند الفوهة، مما يشير إلى أن هذه الحشوات
قد صعدت إلى السطح في مرحلة أولى انفجارية، متبوعة بمرحلة نهائية فقيرة أو أقل غزارة بالحشوات
تبعًا لشدة الانفجار. هذا الصعود كان سريعًا نسبيًا بحيث إن الوقت الذي أمضته هذه الحشوات في البازلت
المحيط كان مختصرًا، فلم يتسن لها أن تنصهر، أو تعرضت لتغيرات سطحية محدودة، و بقيت عينات
« أقماع » ممثلة للمستوي الذي اقُتلعت منه؛ أما فيما يتعلق بالجوبات و التي أطلق عليها بعضهم عبارة
كمبرليتية، فليست إلا تجاويف كارستية، تشكلت بفعل انحلال الكلس مما كشف عن الاندفاعات
المغماتية تحت السطحية (نمط البركنة الكريتاسية الشائع عالميًا)، أو أنها امتلأت لاحقًا بتوضعات
بيروكلاستية.
تشكل دراسة التوضعات البازلتية، المرافقة للتشوهات الكبيرة من نوع الانهدامات، أهمية كبيرة كونها
ترتبط بمناطق التخلعات التكتونية و الانهدامات العالمية الكبيرة من جهة، و لما تعكسه من الشروط المنشئية لتشكل المغما البازلتية من جهة أخرى، و بالتالي للأعماق
التي صعدت منها، إضافة إلى طبيعتها الكيميائية.
و تزداد هذه الأهمية من خلال مايرافقها من حشوات معطفية اقتلعت أثناء صعود هذا البازلت إلى السطح.
تلقي هذه الدراسة للبازلت المرتبط بالانهدام السوري، الضوء على جيوديناميكية شمال الصفيحة العربية،
و ارتباطها بالحركات الجيوتكتونية الإقليمية لاسيما انفتاح البحر الأحمر و امتداداته نحو الشمال في العقبة
و السويس، من خلال دراسة بتروغرافية، و جيوكيميائية و حرارية، و من ثم محاولة الربط بين الصخور
و الزمر البازلتية هذه و الأعماق التي صعدت منها، لفهم العمليات الجيولوجية العميقة و انعكاساتها على
مستوى تكتونية الصفائح.