ترغب بنشر مسار تعليمي؟ اضغط هنا

تتجه التشريعات في العالم إلى الاهتمام بالرعاية اللاحقة للمحكومين، فهذا المذنب الذي ارتكب جرما و صدر الحكم بحقه يحتاج إلى الرعاية في أثناء تنفيذ عقوبته و بعد تنفيذها ليعود عضواً نافعاً في مجتمعه، و من رعاية المحكومين إعادة اعتبارهم إليهم بعد تنفيذ عقو باتهم، ليعيشوا في مجتمعاتهم موفوري الكرامة و الحقوق. و لذلك تبنت التشريعات الوضعية ما يسمى بمؤسسة رد الاعتبار التي تحاول أن تعالج آثار العقوبات المنفذة، و مع أن هذه المؤسسة لا توجد بهذا الاسم في التشريع الجنائي الإسلامي إلا أن هذا البحث يهدف إلى مقارنة المفاهيم الثابتة في الفقه الإسلامي التي تتقاطع مع مبادئ مؤسسة رد الاعتبار في التشريعات الوضعية _ و خاصة في القانون الجزائي السوري _ و يتضمن البحث تأصيلاً لمفهوم إعادة الاعتبار في الفقه الإسلامي من خلال نظام التوبة و مفهوم الأهلية و العدالة، كما يتضمن بياناً لمنهج التشريع الإسلامي في معالجة آثار الجريمة و عقوباتها في أهلية المحكومين و مكانتهم الاجتماعية.
لم يعد يكفي من سياسة العقاب أن تحقق مصلحة ردع الجناة و درء المفسدة عن المجتمع، بل أخذت التشريعات اليوم تهتم بحال الجاني بعد العقاب و بكيفية معالجة الآثار التي تركتها الجريمة السابقة و العقوبة المنفذة في أهليته و حقوقه ليعود عضواً نافعاً في المجتمع. و الشريعة الإسلامية هي شريعة العدل و الإحسان، و لا يتوافق الجرح الأبدي للأهلية، و الانتقاص الدائم من الحقوق مع قواعدها الرامية لحفظ مصالح الإنسان، و صون كرامته، فلا جرم أننا نجد في أحكامها و قواعدها الوسائل الي تراها كفيلة بتحقيق الرعاية اللاحقة للمحكومين و إعادة تأهيلهم، و محو الآثار التي تركتها العقوبات في أهليتهم. و هذا البحث يرمي لدراسة أثر التوبة المستوفية لأركانها و شروطها في علاج ما تتركه الجريمة و العقوبة من آثار في عدالة الجاني و أهليته للولايات العامة كأهلية الشهادة و القضاء. و قد اتفق الفقهاء على قبول توبة من نفذ عقوبته، و عودة عدالته في عقوبات الحدود و القصاص و التعزير جميعها، و لكن جرى الخلاف في عودة أهلية الولاية للمحكوم إذا تاب في حالة المحدود في القذف، و شاهد الزور، و أهلية المحدود للشهادة فيما حد فيه، و هي المسائل التي تناولها هذا البحث بالدراسة الفقهية المقارنة.
mircosoft-partner

هل ترغب بارسال اشعارات عن اخر التحديثات في شمرا-اكاديميا