إن التطرف في تحديث البناء بالعالم عامة و في الوطن العربي خاصة، و ابتعاد مظاهر عمران المدن تدريجياً عن صورها الأصلية و عدم الاكتراث بطبيعة الوسط الذي تقوم فيه، تحرك قضية التراث العمراني و المدن القديمة في السنوات الأخيرة، و لقد استحوذت على أهمية كبيرة
للحفاظ عليها.
و ها هي بالفعل طلائع مواقف صريحة يجهر بها المهتمون بعمران المدن، تتراوح بين أسس حركة محافظة متشددة أحياناً تحجب وجهها عن الحديث خوفاً على الخصوصية العقائدية و القومية من تيار المجددين فتدعو إلى العودة إلى القديم مجذوبة من خشيتها على ضياع جانب من الحضارة المعمارية العربية الإسلامية، و حركة مستهترة بالقديم تنقل من الغرب جزافاً و تصف المحافظة المتشددة بالرجعية و التعنت.
و بين هذه و تلك ردة فعل معتدلة تنظر إلى تجارب الماضي الناجحة نعالجها بعقلها الإبداعي، بحثاً عن روح التراث لتخلق منها منجزات عمرانية حية، لها ملامح الماضي الحضاري الأصيل و روح التراث، ترتكز على أرضية محلية ملائمة في الصورة و المحتوى للبيئة المشرقية.
و قد تصدر موضوع التراث العمراني في العمران حديثاً موقعاً حسناً، يتناول منجزات الماضي المعمارية بغية تجنيبها أذى في استمراره ضرر كبير يهدد وجودها.