يتناول البحث الأغراض الشعرية المستحدثة في عهد الدولة السَّامانية ، و هي إحدى
الدول المستقلة عن الخلافة العباسية في أرض خراسان و ما وراء النهر في القرنين الثالث
و الرابع الهجريين ، اتخذت من بخارى حاضرة لها ، و تعاقب على حكمها عشرة أمراء أولهم
نصر ا
لأول بن أحمد الذي حكم سنة ( 261 ه ) ، و آخرهم عبد الملك بن نوح الذي حكم
حتى سنة ( 389 ه ) ، و يقصد بالأغراض الشعرية المستحدثة الخمريات ، و التغزُّل
بالغلمان ، و الإخوانيات ، و شعر الحكمة و الأمثال ، و هي فنون بدأت تستقل عن أغراض
القصيدة العربية الأساسية ، و كان للتمازج الحضاري و تطور الحياة العقلية في مطلع
العصر العباسي أثر مهم في ظهور هذه الفنون و استقرارها .
يتناول هذا البحث اتجاهات الشِّعر في بلاط الدولة السامانية ، و تتمثل في ثلاثة اتجاهات
هي : الاتجاه السياسي ، و الاتجاه الاجتماعي ، و الاتجاه الوجداني ، و يقف البحث في
الاتجاه الأول على بعض القضايا المهمة التي تتصل بالحجج و النظريات السياسية التي
دف
عت الشعراء إلى اتخاذ وجهات مختلفة بين تأييد للدولة السامانية أو معاداتها ، و يتعلق
الاتجاه الثاني بالوجهات و الشؤون الاجتماعية التي تدفع المجتمع إلى التماسك أو الانهيار
بفعل الوحدة أو التدافع ، و يجملُ الأسباب التي دفعت بالشعراء إلى الشكوى و الاغتراب
في الاتجاه الثالث ، و يخلص إلى مجموعة من النتائج أبرزها تعبير الأدباء الخراسانيين
في القرنين الثالث و الرابع الهجريين عن الطموحات و الآمال و الأهواء تجاه بناء آمالهم
القومية ، و الخوف و القلق من المستقبل المجهول بسبب سياسات الحكَّام التي تُحكِّم
الأهواء و تتنكَّبُ عن طريق الخير و العدالة .