تعتبر عملية تداول السلطة أحد الدعائم الأساسية لإرساء أنظمة الحكم، من خلال الآليات
الديمقراطية السلمية التي تتجلى في شروط التداول، المتمثلة في الانتخابات الحرة القائمة
على التعدد الحزبي.
و في سبيل تطوير عملية التداول الديمقراطي للسلطة، قام المشرع ا
لسوري بإحداث
إصلاحات جذرية في نظام الحكم تجلت في (دستور 2012 و القانون الانتخابي رق 5
لعام 2014 و قانون الأحزاب السياسية رقم 100 لعا 2011).
حاول هذا البحث إبراز دور هذه الإصلاحات، من خلال توضيح مدى تأثير النظام
الانتخابي على الأحزاب السياسية من جهة، و على عملية تداول السلطة ككل، و دور
الأحزاب السياسية السورية الجديدة في هذه العملية.
تقو الأحزاب السياسية في العصر الحاضر بدور أساسي و كبير في عملية بناء النظام
الديمقراطي، حيث تعد القصبة الهوائية و طريق التنفس للنظم و المؤسسات القائمة على
الحرية و الديمقراطية ، و تعد همزة الوصل بين المجتمع من جهة و النظام السياسي من
جهة أخرى، و أ
صبحت الأحزاب إحدى الضمانات العملية و المؤسسية للممارسات
الديمقراطية، من خلال مساهمتها في عملية التنمية و التحديث السياسي، و تفعيل المشاركة
السياسية، و توجيه الرأي العام، و مراقبة عمل الحكومة، و في هذا الإطار يبرز الدور
الكبير الذي يمكن أن يقوم به قانون الأحزاب السوري الجديد الصادر بالمرسوم التشريعي
رقم ( 100 ) لعا 2011 ، في تعزيز أسس الحياة الديمقراطية و السياسية في سورية
و توسيع أفق المشاركة السياسية ، و افساح المجال أما تعددية سياسية و حزبية حقيقية
تكرسها صناديق الاقتراع.
تُعد الأحزاب السياسية من أهم التنظيمات السياسية التي تؤثر بشكل مباشر على سير و حركة النظام السياسي و ضمان استمراره و استقراره، فهي تؤدي دوراً مهماً في تنشيط الحياة السياسية و صارت تُشكل ركناً أساسياً من أركان النظم الديمقراطية، فأداء الأحزاب ينعكس سل
باً أو إيجاباً على نوعية الحياة السياسية و على مستوى التطور الديمقراطي و التحديث السياسي و فاعلية النظام السياسي الذي يُعدّ انعكاساً للنظام الحزبي السائد في الدولة. و للأحزاب السياسية دور مهم في صنع السياسة العامة و تأطيرها، حيث تُعد إحدى قنوات المشاركة السياسية للمواطن، و كذا إحدى قنوات الاتصال السياسي المنظّم في المجتمع، إذْ يعدّها علماء السياسة، الركيزة القوية و المنظمة للربط بين القمة و القاعدة و كمحطة اتصال لازمة بين المواطنين و السلطة.
تحاول هذه الدراسة التعرّف على ماهية السياسة العامة التي هي في المقام الأول عملية سياسية تتميز بالصعوبة و التعقيد، و تختلف طبيعة و إجراءات و طرق صنعها من دولة إلى أخرى تبعاً للنظام السياسي و دور الأجهزة الحكومية و غير الحكومية، و منها الأحزاب السياسية. كما تتناول دور الأحزاب السياسية في صنع السياسة العامة في الدولة، تخطيطاً و تنفيذاً و تقييماً، من خلال الوقوف على دورها في رسم و تخطيط السياسة العامة للدولة، لاسيما من خلال وجودها و تمثيلها في السلطة التشريعية. و كذلك الوقوف على دور الأحزاب في تنفيذ السياسة العامة من خلال مشاركتها في السلطة التنفيذية و حجم هذه المشاركة. و أيضاً معرفة دور الأحزاب في عملية تقييم السياسة العامة، لأن التقييم الفعَّال و الموضوعي و الحقيقي يُعدّ أساس نجاح السياسة العامة في تحقيق أهدافها. و خلصت الدراسة إلى أنَّ الأحزاب قد تكون مخططاً و منفذاً و مقيماً للسياسة العامة إنْ وصلت إلى السلطة، و بالتالي ستقوم بتطبيق برامجها عن طريق القوانين التي ستسنها في (السلطة التشريعية) أو عن طريق تنفيذها للقوانين في (السلطة التنفيذية-الحكومة) أو عن طريق تواجدها في المعارضة، و هنا قد تقوم باستخدام وسائل و طرق عديدة للضغط و التأثير على السلطة.