انتشر أثر "أزمة الأدب المقارن" لـ(رينيه ويلك) في الوسط النقدي المقارني انتشار النار في الهشيم، علماً أن مفرداتها لم تحمل جديداً يضاف إلى جهود النقاد و المقارنين في زمانه و قبله. فما من باحث تناول مسائل الأدب المقارن إلا أشار تصريحاً أو تلميحاً ــ إلى
ما ناقشه (ويلك) في أزمته.
و لعلّ صفحات هذا البحث تتمكن من الإحاطة بمصادر (ويلك) المعرفية و المنهجية في صياغة النقاط التي طرحها في (أزمته)، معتمدة الاستقراء و الاستنباط وسيلة لذلك، و أداة لإنصاف أصحاب الجهود السابقة بموضوعية و حيادية، قد تؤدي إلى قناعة أكثر ملاءمة لأسس الأدب المقارن و أهدافه.
تركيز الباحثين و النقاد المقارنين، نظرياً و تطبيقياً ـ على ما فرزه الدرس الفرنسي المقارن أمر لا يحتاج إلى كبير عناء لإثباته، أما عدم تركيزهم على ما قدمه غيرهم من المنظّرين خارج فرنسا، لابل عدد لا بأس به داخلها، و خاصة ما قدمه المفكرون و النقاد الألما
ن و الروس، أمر يحتاج إلى وقفة و عناية.
و من هذا الباب، يحاول البحث استكمال فتح بعض النوافذ المهملة -بقصد أو من دون قصد- استقراءً و تدقيقاً، و مناقشة و استنباطاً، من خلال الوقوف على ما قدمه كل من ألكسندر فيسيلوفسكي و فيكتور جيرمونسكي من أفكار و آراء، اتفقا في بعضها و تمايزا في بعضها الآخر ـ أنتجت ما بات يعرف بالاتجاه الروسي المقارن. ليشكل هذا كله هدف البحث و غايته، في محاولة لمسح الغبار عن جانب مهم قد يكون بديلاً منهجياً لاتجاهات أخرى.