لقد قسمنا البحث إلى فقرتين أساسيتين، ُتعنى الفقرة الأولى من البحث بالكشف عن
طبيعة العلاقة بين المنهج و النص، من جهة التقديم و التأخير، فميزنا بين ثلاثة آراء
أساسية في تاريخ الفلسفة، و هي:
- الرأي الأول يذهب أصحابه إلى الاعتقاد بتأخر المنهج عن النس
ق
- أما الرأي الثاني فيذهب أصحابه إلى الاعتقاد بأسبقية المنهج على النسق
- و يذهب الرأي الثالث إلى القول بالتوحيد و الدمج بين المنهج و النسق
عملنا على تحليل هذه الآراء و مناقشتها، و حاولنا الكشف عن سلبياتها، و عرضنا
رأينا بهذا الخصوص.
أما الفقرة الثانية، فُتعنى بتحليل كيفية قراءة النص الفلسفي، و ميزنا فيها بين
نوعين من القراءة:
- القراءة التفسيرية المغلقة
والقراءة التأويلية المفتوحة
يسلّط البحث الضوء على منهجين رئيسين تتوزّعهما أبرز المؤلّفات الأدبيّة في القرن الثالث الهجري, أوّلهما: منهج الاستطراد القائم على الانتقال العفوي بالقارئ من موضوع إلى آخر, و من فكرةٍ إلى أخرى من دون رابط منطقيّ, بما في كلّ هذا من إيحاءٍ بالاضطراب, و ع
دم المنهجيّة, و ما يخفي وراءه من دلالاتٍ و نيّاتٍ و آراءٍ قد لا يكون ممكناً التصريح بها, و خير من يمثّل هذا المنهج الجاحظ ت 255هـ الذي يعدّ بحقّ المؤسّس الحقيقي لأسلوب الاستطراد في كتابيه: ( الحيوان , و البيان و التبيين).
و ثانيهما: منهج التصنيف و التبويب القائم على ترتيب المفردات المعرفيّة المتجانسة, و وضعها ضمن بابٍ واحد تحت عنوان محدّد, و يعدّ ابن قتيبة ت276هـ في كتابه (عيون الأخبار ) أوّل من شقّ هذا الطريق من خلال تقسيمه كتابه إلى أبواب ينطوي كلّ منها على مجموعة من الأخبار المتجانسة – إلى حدّ ما – لأنّه لا يريد أن يخرج تماماً عن سنّة سار عليها سابقوه و هي الاستطراد, و كان عمله خطوةً رائدة في مجال التصنيف و التبويب, أمّا كتاب (الكامل) للمبرّد ت 285هـ فعلى الرّغم من تقسيمه إلى أبواب إلا أنّه لا يحمل من روح التصنيف شيئاً, و تقسيمه كان شكليّاً فقط.
لا بد لأي علم من العلوم بما فيها الجغرافية البشرية كي يسير في ركب
العلوم، و يواكب مسيرة التطور العلمي من تطويرٍ لعناصر منظومة البحث العلمي
التي يعد المدخل و المنهج من أبرزها، إذ تنعكس على تطويرها، و على تحديد
التحولات التي تجري فيها.
يهدف هذا البحث إلى دراسة ظاهرة (فعلت و أفعلت) في الكتب التراثية التي وصلت
إلينا، من حيث قيمتها، في الفكر اللغوي، و منهج تناولها للمادة اللغوية المدروسة، ثم
محاولة دراسة الخلاف حول هاتين الصيغتين في ضوء الآراء التراثية و المعاصرة،
معتمدين على منهج وصفي تحليلي.