ترغب بنشر مسار تعليمي؟ اضغط هنا

يقدم هذا البحث نقداً لدور الحيز النصي الذي ينشئه ما أسماه الناقد جيرارد جانيت "المناص" في بناء الحد الثقافي و الذي يفضي إلى تكوين مفهوم الآخر المغمور. تنطبق إستراتيجية المناص على القراءات ذات المنظور الكاثوليكي لقصيدة "أغنية حب عربية" للشاعر البريطا ني فرانسيس تومسون. حيث تسيطر هذه القراءات على التصدير الأدبي و الثقافي لقصيدة تومسون كمرجعية شعرية كاثوليكية لترجمة الآخر العربي في العصر الجاهلي. و بشكل خاص, فإن مناص قصيدة "أغنية حب عربية" قد كرّس الإعتقاد, و الذي يعتبر غير قابل للنقاش, بأن المعتقدات الفاقدة للروحانية هي من ركائز حياة البدو العرب في العصر الجاهلي. إن قراءتي البديلة لقصيدة "أغنية حب عربية" تعتمد على النظرية السردية و نقد أدب ما بعد الإستعمار لإستعادة الحضور العربي الجاهلي المغمور في مناص قصيدة تومسون. في هذا السياق, توضح هذه المقالة النقدية كيف أن قصيدة تومسون تقدم منظوراً عربياً جاهلياً أصيلاً و ليس كاثوليكياً بغض النظر عن غرض الشاعر. يمكن القول أن "أغنية حب عربية" قد استعادت و طوّرت مفهوم و صياغة القصيدة العربية الشهيرة عن الحب في العصر الجاهلي.
تمتاز القصيدة المعاصرة بالجرأة في الانزياح عن الأطر القديمة، و تحاول إبداع نماذج ترقى إلى تأسيس حساسية شعرية جديدة، و تتخذ في سبيل ذلك تقنيات و آليات متعددة، و منها تلك التي تؤسس لبنية إيقاعية تتمرد على المعايير الموسيقية التقليدية بما فيها من الصرام ة في وحدة الوزن و القافية، و لا تستسلم لسطوة النموذج السائد، فتنتقل من مضمارها المعهود إلى ساحة تسيطر عليها جزئيات و تفاصيل دقيقة يستغل الشاعر مكوناتها في سبيل التخطيط لهندسة معمارية داخلية على علاقة وطيدة بالانفعالات النفسية، و الإيحاءات الدلالية، التي ترسم إحداثيات التوتر الإيقاعي المتناغم مع حركة النفس، و حركة الدلالات النصية، لذلك تتجه صوب حركة الداخل التي تنمو و تتطور بفعل التواصل و التفاعل بين معظم مكونات النص، و نسيج علاقاته، من هنا يأتي البحث الراهن ليتتبع العوامل و المكونات التي تسهم في التشكيل الإيقاعي بعيداً عن المكون الخارجي المتمثل في الوزن العروضي و القافية، و يتخذ (البحث) لنفسه تقنية التكرار الحرفي نموذجاً للتطبيق، ليكشف عن أحد جوانب الإيقاع الداخلي، و مدى فاعليته في تشكيل البنية الإيقاعية العامة للنص، و ارتباط ذلك بالبعد الدلالي، للوقوف على العلاقة العضوية بين الدلالة الإيقاعية و الدلالة اللغوية، و استجلاء التمثيل الصوتي للمعاني، و إسهامها في إنتاج حركة النص الإيقاعية.
يكشف هذا البحث عن ظاهرة جديرة للوقوف عندها و التأّني في دراستها و تحليلها، و هي ميل الكّتاب الفاطميين إلى التقريب بين فني الشعر و النثر، و المداخلة بينهما، و بيان مدى تأثير محفوظاتهم الأدبية – شعراً و نثراً – في نشأة هذه الظاهرة، لذلك سينهض البحث بال كشف عن ثلاثة أمور رئيسة، أولها: تحديد المصطلح و بدايات التداخل و بواكير هذه البدايات، و ثانيها: بيان أنماط التداخل بين القصيدة و الرسالة عند هؤلاء الكّتاب، أما الأمر الثالث فيتمثل في موضوعات التداخل بين القصيدة و الرسالة عند الكّتاب الفاطميين.
mircosoft-partner

هل ترغب بارسال اشعارات عن اخر التحديثات في شمرا-اكاديميا