ترغب بنشر مسار تعليمي؟ اضغط هنا

استطاع فنّ البديع أن يجد لنفسه مكاناً مرموقاً في الأوساط البلاغيّة المنتمية لفنَّي البيان و المعاني، و لم يلبث هذا الفنّ فيما بعد أن أصبحَ فنّاً قائماً مستقلّاً بذاته، إلّا أنّ صعوبة عمليّة التّكوين و النّشوء من جهةٍ، و التّطوّر الكبير الّذي طال فنون البديع بعد دخوله المضمار البلاغيّ من جهةٍ أخرى، أدّى ذلك إلى خلافاتٍ بلاغيّةٍ حول تسمياتٍ كثيرةٍ من تلك الفنون، و كذلك حول إلحاق بعض فنون البديع بفنون أخرى، كإلحاق التّصدير بالتّرديد، أو جعل العكس و التّبديل نوعاً من التّصدير، و غير ذلك من الخَلط في المصطلحات و تشعّبٍ في التّسميات. و كان التّصدير واحداً من تلك الفنون الّتي دارت حولها آراء البلاغيّين؛ فهو فنٌّ بديعيٌّ قوامه التّكرار، إلّا أنّ ذلك التّكرار لا يقف على مستوى المفردات و الألفاظ، و لا على الحروف و الحركات، إنّما يتجاوز ذلك ليشكّل الجانب الإيقاعيّ و الدّلاليّ الأكثر حضوراً في البيت الشّعريّ، و سيتحدّث هذا البحث عن تلك الجوانب الدّلاليّة و الإيقاعيّة لهذا الفنّ، و ذلك من خلال تناوله بالتّطبيق على قصائد الشّاعر الأندلسيّ أحمد بن عبد ربّه (246-328هــ) الّتي كان لإيقاعات التّصدير الدّلاليّة و النّغميّة حضورٌ كبيرٌ فيها.
يتناول البحث التعريف بحياة أبي العلاء المعري، و الحديث عن دور الجناس و الطباق في تحقيق الإيقاع الموسيقي الداخلي في شعره، فأبو العلاء لم يلتزم بالمعايير الموسيقية التقليدية بما فيها من الصرامة في وحدة الوزن و القافية فحسب، بل انتقل من مضمارها المعهود إلى ساحة تسيطر عليها جزئيات و تفاصيل دقيقة في سبيل التخطيط لهندسة معمارية داخلية، فأسرف في استعمال الجناس الذي لم يرد في شعره لتحقيق المعنى المراد فحسب، بل لتحقيق الإيقاع الموسيقي بما يقوم عليه من اتفاق في أشياء و اختلاف في أشياء أخرى، كما جمع من خلال الطباق بين حسن الصياغة و فائدة المضمون، فلم يرد الطباق لأجل إيراد الضد فحسب، بل ضمّن كل مطابقة فنّاً بللغياً أو بديعياً، أو شيئاً من الحكمة، مما يجعل القارئ يشعر بالتوافق و التمازج بين الطباق و المعنى الذي يحققه أو الصيغة البلاغية التي يقترن بها.
تُعدُّ العناصر المُشكِّلة التَّركيب النَّحوي واحدةً من أهمِّ البنى اللغوية لخطاب التَّوازي في النسق اللغوي: الشعري و النثري؛ لأنَّ التوازي مركّب من سلسلتين لغويتين متواليتين، أو أكثر لنظام نحوي و صرفي واحد . فالتوازي شكل من أشكال التنظيم النّحوي، يت مثَّل في تقسيم النَّص، و تقطيعه إلى تراكيب و عناصر متساوية، تعطي بعداً إيقاعيّاً منتظماً، يتجلَّى في طول النغمة و قصرها، سواء أكان التوازي تامّاً، أم جزئياً، مقطَّعاً تقطيعاً طويلاً، أم قصيراً بوساطة الواو الرابطة . و هذا النّمط من الخطاب اللغوي الذي يقطّع النَّصَّ اللغوي تقطيعاً لغوياً متساوياً، يكسب التركيب انسجاماً، و إيقاعأ لايتوافران في أيِّ نصٍّ آخر.
تمتاز القصيدة المعاصرة بالجرأة في الانزياح عن الأطر القديمة، و تحاول إبداع نماذج ترقى إلى تأسيس حساسية شعرية جديدة، و تتخذ في سبيل ذلك تقنيات و آليات متعددة، و منها تلك التي تؤسس لبنية إيقاعية تتمرد على المعايير الموسيقية التقليدية بما فيها من الصرام ة في وحدة الوزن و القافية، و لا تستسلم لسطوة النموذج السائد، فتنتقل من مضمارها المعهود إلى ساحة تسيطر عليها جزئيات و تفاصيل دقيقة يستغل الشاعر مكوناتها في سبيل التخطيط لهندسة معمارية داخلية على علاقة وطيدة بالانفعالات النفسية، و الإيحاءات الدلالية، التي ترسم إحداثيات التوتر الإيقاعي المتناغم مع حركة النفس، و حركة الدلالات النصية، لذلك تتجه صوب حركة الداخل التي تنمو و تتطور بفعل التواصل و التفاعل بين معظم مكونات النص، و نسيج علاقاته، من هنا يأتي البحث الراهن ليتتبع العوامل و المكونات التي تسهم في التشكيل الإيقاعي بعيداً عن المكون الخارجي المتمثل في الوزن العروضي و القافية، و يتخذ (البحث) لنفسه تقنية التكرار الحرفي نموذجاً للتطبيق، ليكشف عن أحد جوانب الإيقاع الداخلي، و مدى فاعليته في تشكيل البنية الإيقاعية العامة للنص، و ارتباط ذلك بالبعد الدلالي، للوقوف على العلاقة العضوية بين الدلالة الإيقاعية و الدلالة اللغوية، و استجلاء التمثيل الصوتي للمعاني، و إسهامها في إنتاج حركة النص الإيقاعية.
تعد الألفبائية أول ما تقدمه اللغة في الإعلان عن نفسها، و ما زالت الألفبائية العربية كما رتبت ترددها الأجيال منذ القرن الأول الهجري. و تسعى هذه الدراسة إلى البحث عن أسرار ترتيب حروف هذه الألفبائية و تفسير الشكل الذي بنيت عليه من الوجهة الإيقاعية الصوتية، إذ انحصر ترتيبها في الرسم الشكلي وحده.
يتناول هذا البحث مفهوم مصطلح الإيقاع الداخلي أو الموسيقا الداخلية، و يطرح بديلا أوصف منه متمّثلا في مفهومين هما الإيقاعات الرديفة و الإيقاعات البديلة. و هي تكون رديفة حين يتوافر في العمل الأدبي وزن، و تكون بديلة حين لا يتوافر في العمل عنصر وزن. و قد رصد البحث عناصر الّتكرار و أنواعه التي أسهمت في صناعة هذا الّنوع من الإيقاع غير الوزني، من خلال دراسة اثني عشر نمطًا من أنماط الّتكرار و هذا يوضح مدى ما للتكرار من إسهام في صناعة هذه الإيقاعات. ثم يفرد البحث عنوانًا خاصا للّتكرارات التي كانت تمثل شطرًا من علم البديع، و قد رصد منها سبعة عشر نمطًا، ليخلص إلى أن ثمة اهتمامًا بهذه الإيقاعات البديلة و الرديفة في التراث البلاغي العربي.
mircosoft-partner

هل ترغب بارسال اشعارات عن اخر التحديثات في شمرا-اكاديميا