تحاول الدراسة استثمار الدلالات الحافة بمفهوم (صورة الآخر) للمقارنة بين
أعمال أدبية تنتمي إلى ثقافتين مختلفتين، من أجل تشكيل وعي بموقف هاتين الثقافتين من مفهوم المغايرة و الاختلاف؛ ففي الأدب تتجلى روح الأمة و إيمانها و خيالها و أفكارها، لأنه الاختبار
الحقيقي (للنظرية)؛ فالدعوة إلى (قبول الآخر) شيء تدعيه كل الأمم، و لكن أدبها هو الذي يصدق ذلك أو يكذبه . و اختارت الدراسة ميداناً للعمل قصتي (حي بن يقظان) لابن طفيل و (روبنسن كروزو) لدانييل ديفو؛ فإذا كان ديفو قد استلهم البنية الحكائية لقصة (حي بن يقظان)، و كذلك استلهم أسئلتها المعرفية، فإن الصور الرؤيوية (الصورة_الرؤيا) التي تجد تجليها في الإجابة عن الأسئلة المثارة كانت مختلفةً عن مثيلاتها في قصة (حي بن يقظان) اختلافاً دالاً على نحو لافت للنظر ؛ لتعلقها بروح الأمة أو روح الثقافة التي ينتمي إليها الكاتب .
كانت الصورة الأولية و البسيطة لحكايات الحيوان، في نشأتها الأسطورية،
مجرد تفسير فطري لحقائق علمية، أو ظواهر طبيعية. و ذلك بحسب ما تُمليه الرؤى
الفكرية للعقل البدائي القديم، أو بتعبير آخر: الشعبي الفطري، ثم انتقلت حكايات
الحيوان من الّنشأة الفطرية (
الشعبية-الفولكلورية)، إلى المكانة الأدبية و العلمية؛ إذ
تُوضع بقصد الموعظة و التعليم، و تنطوي في هذه الحال على مغزى أخلاقي، أو
درسٍ اجتماعي، أو هدفٍ تربوي، أو نقدٍ سياسي؛ أي يكون لها معنى رمزي بواح.
و هذا البحث يروم تبيان الوظيفة السياسية لقصص الحيوان الرامزة، و أثرها في
المتلّقي، مستهلا الكلام بتمهيدٍ عن هذا الشكل التعبيري الشائق، ثم يدلف إلى الحديث عن المضامين السياسية الناقدة لهذا الفن الحكائي، مّتخذًا قصة (النمر و الثعلب) لسهل ابن هارون (ت 215 ه) نموذجا.
يهدف البحث إلى تعرُّف مشكلات تدريس الأدب لمتعلمي العربية الناطقين بلغات
أخرى من وجهة نظر المعلمين، و قد اقتصر البحث على مشكلات النصوص المُقدَّمة في
برامج تعليم اللغة العربيَّة لأغراض عامَّة.