ترغب بنشر مسار تعليمي؟ اضغط هنا

لقد امتاز حضور المكان في "تيار الوعي" بمكانة مميزة، جعلته قادراً على عرض مشكلات الإنسان و إثارتها، على نحو دقيق و صريح، من زوايا متنوعة، لعلّ أولها: إبراز تلك العلاقة العاطفية، التي تربط الإنسان بالمكان، و أثر ذلك في تحويل علاقة الإنسان بالمكان، إلى علاقة تبادلية، جعلت الإدراك الحسي للمكان يغذي العاطفة، و بالعكس. و ضمن هذا الإطار، فقد كشفت تلك العلاقة التبادلية عن عمق الفجوة بين عالمين، لا ينتمي أحدهما إلى الأخر، و هما عالم الدّاخل، و عالم الخارج، موضحاً بذلك أزمة الذات في بحثها عن المكان الأليف، أو في رغبتها بالفرار من المكان المخيف نحو مكان آخر أكثر أمناً. و لأنّ الوعي في مستويات ما قبل الكلام، لا حواجز له، فقد رافقت أفكار الإنسان المضطربة، و ذهنه الوّقاد، بحثه الدائم عن المكان، و حلمه في تحقيق هاجس الانتماء.
ينشد هذا البحث دراسة الانتماء إلى المكان في مقدّمة القصيدة الأمويّة، و الانتماء علاقة تتّسّم بالتّداخل و الاندماج بين الشاعر و المكان، ما يدل على قوّة الحضور المكاني في ذات الشاعر على وفق أبعاده المختلفة. و قد تجلّت علاقة الانتماء إلى المكان في الشع ر الأمويّ في مظاهر مختلفة، و صور متعددة؛ منها مقدمات القصائد التي كانت في كثير من جوانبها تجسيدا لتجارب الشعراء، بما فيها من الأمل و البعد و الفراق و هاجس العودة...الخ؛ ذلك أن الانتماء إلى المكان ليس انتماء إلى مجال طبيعيّ و حسب، و لكنّه- أيضاً - انتماء إلى مجال اجتماعي؛ بما فيه من عادات و تقاليد، فالمكان و الأفراد الذين يتفاعلون معه، يمثّلون وحدة متكاملة، ينتمي إليها الشاعر، و يشعر في ظلّها بالألفة و الحماية و الأمان.
mircosoft-partner

هل ترغب بارسال اشعارات عن اخر التحديثات في شمرا-اكاديميا