كانت الصورة الأولية و البسيطة لحكايات الحيوان، في نشأتها الأسطورية،
مجرد تفسير فطري لحقائق علمية، أو ظواهر طبيعية. و ذلك بحسب ما تُمليه الرؤى
الفكرية للعقل البدائي القديم، أو بتعبير آخر: الشعبي الفطري، ثم انتقلت حكايات
الحيوان من الّنشأة الفطرية (
الشعبية-الفولكلورية)، إلى المكانة الأدبية و العلمية؛ إذ
تُوضع بقصد الموعظة و التعليم، و تنطوي في هذه الحال على مغزى أخلاقي، أو
درسٍ اجتماعي، أو هدفٍ تربوي، أو نقدٍ سياسي؛ أي يكون لها معنى رمزي بواح.
و هذا البحث يروم تبيان الوظيفة السياسية لقصص الحيوان الرامزة، و أثرها في
المتلّقي، مستهلا الكلام بتمهيدٍ عن هذا الشكل التعبيري الشائق، ثم يدلف إلى الحديث عن المضامين السياسية الناقدة لهذا الفن الحكائي، مّتخذًا قصة (النمر و الثعلب) لسهل ابن هارون (ت 215 ه) نموذجا.