ترغب بنشر مسار تعليمي؟ اضغط هنا

يتناول البحث التعريف بحياة أبي العلاء المعري، و الحديث عن دور الجناس و الطباق في تحقيق الإيقاع الموسيقي الداخلي في شعره، فأبو العلاء لم يلتزم بالمعايير الموسيقية التقليدية بما فيها من الصرامة في وحدة الوزن و القافية فحسب، بل انتقل من مضمارها المعهود إلى ساحة تسيطر عليها جزئيات و تفاصيل دقيقة في سبيل التخطيط لهندسة معمارية داخلية، فأسرف في استعمال الجناس الذي لم يرد في شعره لتحقيق المعنى المراد فحسب، بل لتحقيق الإيقاع الموسيقي بما يقوم عليه من اتفاق في أشياء و اختلاف في أشياء أخرى، كما جمع من خلال الطباق بين حسن الصياغة و فائدة المضمون، فلم يرد الطباق لأجل إيراد الضد فحسب، بل ضمّن كل مطابقة فنّاً بللغياً أو بديعياً، أو شيئاً من الحكمة، مما يجعل القارئ يشعر بالتوافق و التمازج بين الطباق و المعنى الذي يحققه أو الصيغة البلاغية التي يقترن بها.
راقني جمال (التوقيعات) و ما امتازت به من ثراءٍ عظيم في مفرداتها، و إتقانٍ محكم في تراكيبها، و زخرف أخاذ في أشكالها، و جمال موسيقي في جرسها، كلّ كلمة فيها آخذة برقاب الكلمة الأخرى في صنعة أدبية متقنة. و لعل السبب في ذلك يعود إلى طرافة هذا الفن النثر ي و تنوعه، فضلاً عن صدورها عن أُناس لهم إسهامات كثيرة في تثبيت أركان الدولة الإسلامية، و بناء حاضرها، و صياغة مستقبلها. و مع أهمية هذه (التوقيعات) لم أجد من تعرض لدراستها من ناحية الذوق الجمالي، فما يزال البحث البلاغي يفتقر إلى الدراسة التحليلية للوقوف على أسرار الفنون البلاغية التي تؤدي داخل النص وظيفة تستحق البحث عنها. من هنا تأتي أهمية هذا البحث، فهو يسعى إلى دراسة أحد هذه الفنون البلاغية (الطباق) لما له من حضور كثيف لافت في التوقيعات، و قد تبين أن لاستخدامه مهمات محددةً تُلبي دواعي التجربة الشخصية، و التذوق الجمالي، و التأثير النفسي، و ليس مجرد حلية لفظية أو تلاعب بالكلمات.
mircosoft-partner

هل ترغب بارسال اشعارات عن اخر التحديثات في شمرا-اكاديميا