لطالما كان الإعلامي هو منبر الكلمة الحرة و المرآة التي تعكس حرية التعبير عن الرأي و لطالما كانت
حرية الإعلام مظهرا من مظاهر حرية التعبير عن الرأي و تجسد الواقع الحقيقي للمجتمعات و ثقافات
الشعوب الأمر الذي يتطلب معه صيانة هذا المنبر و حماية هذه الحر
ية و ضمانة عدم تهديدها أو المساس
بها بصورة عفوية, ففي هذه الحماية ضمان لحرية الإعلام من جهة و لحرية التعبير عن الرأي من جهة
أخرى, بالمقابل حتى تسمو حرية الإعلام يجب أن تتناسب ضماناتها مع قيودها الأمر الذي يتطلب معه
وضع معيار دقيق و عادل للموازنة ما بين مصلحتين الأولى حق الأفراد في التعبير عن آرأئهم و أفكارهم
ضمن حدود القانون و هو حق دستوري, و المصلحة الثانية تتمثل في حق الدولة في محاسبة كل من
يسيء أو يمس بالمصالح التي يحميها القانون و يتجلى ذلك عندما تكون الآراء و الأفكار التي يبرزها
الإعلامي عبر وسائل الإعلام هي آراء من شأنها النيل من الحقوق و المصالح التي يحميها القانون و التي
يكرس لها حماية قانونية, و البحث في تحقيق حماية جزائية إجرائية للإعلامي من شأنه ليس فقط صيانة
حرية الإعلام من إهدارها و الحد منها و التقليل من قيمتها بل من شأنه صيانة المصالح و الحقوق التي
يحميها القانون من إساءة الإعلامي إليها.
ان ضمان حيادية و نزاهة السلطة القضائية لا يعتمد فقط على التزام القائمين عليها بمبادىء القانون و حسن تطبيقه و عدم الانحياز لطرف دون آخر , بل إن التطبيق السليم للعدالة القضائية يكون أحيانا رهن بانعدام ما من شانه التأثير عليها, بحيث تمارس هذه السلطة مها
مها دون أي تدخل أو تأثير من قبل الغير لاسيما وسائل الإعلام , اذ تمارس هذه الأخيرة مهامها استنادا لحقها في حرية الإعلام التي كفلها الدستور السوري الصادر بالمرسوم التشريعي / 94 / تاريخ 28
/2/ 2012 في المادة / 43 / منه , اذ تنشر ما تعتبره ممارسة لحقها الدستوري , في حين تشكل ممارسة هذا الحق تأثيرا على حسن سير العدالة القضائية , و من هنا كان لابد من رسم خطوط شرعية حرية الإعلام و عدم التعسف في ممارسة حقها من خلال تاثير ما تنشره على حسن سير العدالة القضائية. و بالتالي التعرف فيما إذا كان المشرع السوري قد حرص على تحقيق حماية جزائية فعالة للخصومة من تأثير النشر الإعلامي.