يكشف هذا البحث عن أثر القرآن الكريم في أدب ابن زيدون ، و يسلط الضوء على أبرز
النصوص الشعرية و النثرية التي تأثٌر فيها ابن زيدون بالقرآن الكريم ،فقد مثٌل القرآن الكريم
مادٌة غنيٌة في أدبه، و أكسبه رونقا جماليا و فنيا من خلال الجزئيات و الفنيات البنا
ئية
الجديدة التي أودعها التأثير القرآني في شعره و نثره ، فتلاحقت الأفكار داخل نصوص ابن
زيدون من خلال توظيف القرآن الكريم ، ممٌا ساعد على آليات التجديد ، حيث التحول من
المعنى ، ثم الارتداد إليه مرٌة ثانية .
يهدف هذا البحث إلى معرفة أثر الأمثال في أدب ابن زيدون ، فقد كانت الأمثال
مصدرا غنيا من مصادر التجربة الأدبية لدى ابن زيدون ، منحته قدرة هائلة على في
التجربة الإنسانية التي تعد ركيزة أساسية لإنجاز التجربة الذاتية عنده .
يبدأ البحث بمقدمة موجزة عن ا
لأمثال ،ثم يسلط الضوء على بعض جوانب حياة ابن
زيدون ،ثم ينتقل لعرض أبرز الأمثال التي وظفها ابن زيدون في شعره و نثره ، و عمد إلى
استثمار دلالاتها في خدمة أدبه ، مما يدل على ثقافة عربية غنية تمتع بها الأديب .
ثمة علاقة وثيقة بين الأدب و النفس الإنسانية؛ فحياة الإنسان مركبة من الشعور
و اللاشعور، يفصل بينهما الكبت أو منطقة (الهو). و الكلمات الصادرة عنه تعد مفاتيح أساسية لشخصيته، أو نوافذ يطل منها المحلل النفسي أو الناقد إلى النَّفس لسبر أغوارها المعتمة .
و الشعراء خير من سهل السبيل لعلماء النفس و الدارسين اكتشاف ما يعتمل في الذات البشرية من مشاعر و أحاسيس و أفكار.
و لما كان الخطاب الشعري عند المبدع يصدر عن الشعور، و يعكس- في
الوقت نفسه- أثر اللاشعور في وجدانه، فقد رغبنا في استقراء غزل ابن زيدون
بولادة؛ لنتلمس فيه أثر مكنوناته النفسية، فيزداد القارئ فهماً لحقيقة قصتهما العاطفية، و يتذوق جماليات غزله بها .
و لا نريد من هذه الدراسة أن نخوض في غمار النظريات الفلسفية، و أن نحمل
النصوص ما لا تحتمل، فما يشغلنا في دراستنا الأدبية لابن زيدون هو نرجسيته
القابعة في لا شعوره العميق، و رصد تجلياتها من خلال علاقته العاطفية بولادة؛ لنصل إلى رؤية جديدة لإبداعاته الغزلية، مبتعدين في ذلك عن مفهوم النرجسية في مدلولها الفرويدي.