شكلَّ التراث رافداً مهماً في الأعمال القصصية الحديثة ؛لأنّ التراث هو الهوية الثقافية للأمة و أمينها ، و هو المدافع عنها أمام الثقافات الوافدة .
من هنا اتجه زكريا تامر في قصصه إلى توظيف التراث ، و قد استطاع زكريا تامر مزج التراث بالأدب ، و الأدب بالت
راث إذ إنّ العلاقة بينهما ليست علاقة إبداع و حسب ، و إنما هي علاقة اندماج ، و عشق بحيث يتحول التراث في وعي الكاتب إلى مكوّن ثقافي فاعل يتوسل به الكاتب فكريا و فنيا لتحقيق درجات التغيير ، و التواصل مع المتلقي.
تتنوع المصادر التراثية في عالم زكريا تامر القصصي ، إذ نلتقي بمصادر تاريخية كعمر المختار و يوسف العظمة و صقر قريش و طارق بن زياد ، و مصادر إنسانية كجنكيز خان و هولاكو .
و أخرى دينية كـقابيل و هابيل ، و النبي يوسف (ع)، و مصادر شعبية كالشاطر حسن ، و مما يلاحظ أنّ الكاتب وظف هذه الرموز بشكل دقيق فنيّاً و معنوياً ممّا أدى إلى إثراء عالمه القصصي.
يحاول هذا البحث المعنون ب "تجليات الفضاء التنويري في أدب فرانسيس
مراش" أن يتكلم عن دور حلب في حركة النهضة العربية، و قد اختار الباحث أعمال
مراش الأدبية ليبين هذا الدور.
يقسم البحث إلى خمسة أقسام، تحدث قي القسم الأول عن مدينة حلب في القرن التاسع عش
ر، و تناول في القسم الثاني شيئاً من حياة فرانسيس مراش و أعماله، و بين في القسم الثالث تأثر مراش بمبادئ الثورة الفرنسية و حقوق الإنسان و إعجابه بمدينة باريس و النزعة العلمية، فكان من أصحاب المشروع التنويري، ثم كانت الوقفة عند روايات مراش، و بخاصة "غابة الحق" التي عدت أول وراية عربية تنويرية، و كانت الوقفة الأخيرة عند المراش شاعراً في ديوانه "مرآة الحسناء" و كتبه الأخرى.