لم يحظ موضوع تطوير العرب للورق كوسيلة اتصال بالاهتمام الذي يستحقه
عند الباحثين. و في ضوء النظرية التاريخية للاتصال و الإعلام، فإن تطوير وسيلة
اتصال جديدة و استعمالها في مجتمع ما يقود لتحولات اجتماعية و ثقافية و اقتصادية تؤدي بالضرورة إلى تفوق هذا ا
لمجتمع على غيره، و رياديته، و ازدياد منعته. من هذا الأساس، يعمل البحث على دراسة تطوير العرب لصناعة الورق منذ القرن الثامن للميلاد في سمرقند، و الآثار التي ترتبت على إدخاله في الإدارة كوسيلة اتصال جديدة فاعلة حلت محل الرق و القرطاس. أسهم الورق في انتشار المعرفة على نطاق واسع، و قاد ذلك إلى ظهور الكتب الورقية و توافرها، و من ثم ظهور مراكز جامعية. و كان من أثر توسع المعرفة أن أثريت الجلسات التي نظمتها الصفوة بمناقشات فكرية خاضت في أعقد الموضوعات و أوصلت لاحقاً المجتمع إلى عصر ذهبي.
يتناول هذا البحث و بالتفصيل ورق الكتابة عبر التاريخ منذ نشأته و حتى يومنا الحاضر. و قد
تحدثنا فيه عن محاولات الإنسان الأول الكتابية من خلال الصور و الرموز التي نقشها على
جدران الكهوف أو على الحجارة، مرورًا باكتشافه للألواح الطينية و كذلك ورق البردي
و كتاباته على العظام و جلود الحيوانات و الأخشاب و من ثم المنسوجات و منها الحرير و غيره
وصولا إلى صناعة الورق أول مرة في الصين، و عن كشف العرب لسر هذه الصناعة التي
قاموا بنشرها في جميع البلاد الأوروبية و التي هي في الحقيقة إحدى دعائم الثقافة و الحياة
الروحية.
كذلك يتم الحديث عن تطور صناعة الورق عبر التاريخ و عن المواد المختلفة التي استعملت
في صناعته و خاصة الأخشاب التي تعد المادة الرئيسة في ذلك، بالإضافة إلى ذكر العديد من
أنواع الورق و أصنافه المتعددة و وظائفه المختلفة و عن الحاجة الماسة لبناء مصانع له تفي
بحاجات المجتمع بأكمله لما في ذلك من فوائد مادية و اقتصادية مختلفة.