ترغب بنشر مسار تعليمي؟ اضغط هنا

لا تكاد تنفصل قضية (تداخل الأنواع) في الفكر النقدي _ في وجهٍ أساسي من وجوهها عن باقي المظاهر التي تجسد الطبيعة الجديدة و المتحولة لتطور الفكر الإنساني، إبان الانتقال من القرن العشرين إلى القرن الحادي و العشرين، تلك الطبيعة التي أخذت إرهاصاتها أشكالا ً أكثر فجاجةً و وضوحاً منذ العقد الأخير من القرن الماضي؛ فبدا واضحاً حينذاك أن حركة تطور المجتمعات _ و لاسيما المتقدمة منها _ تسعى إلى أن تتخفف _ بوعي أو من دون وعي _ من الشكل المعياري لأنظمة التفكير التي كانت سائدة من قبل؛ فتلقي عن كاهلها كل نظام يتطلب ضرباً من القواعد الصارمة _ بما في ذلك الأنظمة المقدسة _ و تتجه نحو الأنظمة الحرة غير المقيدة؛ و كأنها تعكس في جوهرها الداخلي: (ثورةً على سطوة القاعدة). و هذا يقتضي من الباحثين إعادة النظر في قضية تداخل الأنواع على ضوء انسجامها مع الثقافة العربية التي تقوم على نظام معياري.
تحاول الدراسة استثمار الدلالات الحافة بمفهوم (صورة الآخر) للمقارنة بين أعمال أدبية تنتمي إلى ثقافتين مختلفتين، من أجل تشكيل وعي بموقف هاتين الثقافتين من مفهوم المغايرة و الاختلاف؛ ففي الأدب تتجلى روح الأمة و إيمانها و خيالها و أفكارها، لأنه الاختبار الحقيقي (للنظرية)؛ فالدعوة إلى (قبول الآخر) شيء تدعيه كل الأمم، و لكن أدبها هو الذي يصدق ذلك أو يكذبه . و اختارت الدراسة ميداناً للعمل قصتي (حي بن يقظان) لابن طفيل و (روبنسن كروزو) لدانييل ديفو؛ فإذا كان ديفو قد استلهم البنية الحكائية لقصة (حي بن يقظان)، و كذلك استلهم أسئلتها المعرفية، فإن الصور الرؤيوية (الصورة_الرؤيا) التي تجد تجليها في الإجابة عن الأسئلة المثارة كانت مختلفةً عن مثيلاتها في قصة (حي بن يقظان) اختلافاً دالاً على نحو لافت للنظر ؛ لتعلقها بروح الأمة أو روح الثقافة التي ينتمي إليها الكاتب .
mircosoft-partner

هل ترغب بارسال اشعارات عن اخر التحديثات في شمرا-اكاديميا