فإن موضوع زكاة الملك العام (المال العام) يعد من الموضوعات المهمة في هذا العصر، و ذلك لتوسع الدولة المعاصرة في القطاع العام الاقتصادي ، و تمددها في الأنشطة التجارية و الزراعية و الصناعية و المصرفية و التأمينية و الخدماتية، و منافستها للقطاع الخاص في ه
ذه الأنشطة.
و لما كان البعد الفقهي هو البارز في هذا الموضوع ،فقد رجعت إلى عدد وافر من المراجع الفقهية القديمة و المعاصرة.
و قسمت البحث إلى مبحثين ، تكلمت في المبحث الأول عن التأصيل الشرعي لتعلق الزكاة بالملك الخاص دون العام، و في المبحث الثاني: زكاة الأموال العامة المستثمرة في القطاع العام .
ثم لخصت أهم نتائج البحث.
الزكاة عبادة مالية، وهي كالصلاة توقيفية غير معللة، فلا يدخلها القياس، و قد وقع الخلاف
بين الفقهاء في فروع أحكامها، و من ذلك (إخراج القيمة بدل العين) و هذا هو الإبدال في مذهب
الحنفية.
و لأهمية هذه المسألة جاء هذا البحث ليكشف عن نظرية كاملة لفقه الإ
بدال، و قد استوعب
مقدمة و ثلاثة مباحث و خاتمة. فحررت إشكالية البحث، و عرضت آراء العلماء و اختلافهم
و أدلتهم بين قائل بالمشروعية و قائل بعدمها، و أنهيت البحث بمناقشة مذاهب الفقهاء و نقد
أدلتهم، و عرضت رأيي ببيان القول الراجح، و ختم البحث بعشر نتائج علمية.
الزكاة ركن من أركان الإسلام الخمسة، و فرض من فروضه، و هي أولى الوسائل التي شرعت
لعلاج التفاوت بين الناس في الأرزاق، و تحصيل المكاسب، و تحقيق التكامل الاجتماعي في
الإسلام؛ لأن الله سبحانه و تعالى فضل بعضنا على بعض في الرزق، و أوجب على الغني أن
يعطي
الفقير حقًا واجبًا مفروضًا، لا تطوعًا و لا منة ليؤخذ بيده لاستئناف العمل و النشاط إن
كان قادرًا، و يساعد على ظروف العيش الكريم إن كان عاجزًا.
فيحمى المجتمع من مرض الفقر و الدولة من الإرهاق و الضعف. و تيسيرًا على المزكي و تحقيقًا
للغرض من مشروعية الزكاة، فقد أوصى الفقهاء و في مختلف المذاهب الفقهية الأغنياء إلى
الكيفية التي بإمكانهم إخراج زكاة أموالهم بمقتضاها، و هي تتمثل إما في إخراج الَقدر الواجب
إخراجه من العين المراد تزكيتها أو دفع قيمة ذلك الَقدر الواجب.
و هذا ما هدفت إلى بيانه و توضيحه في هذا البحث.