يواجه الأمن المائي العربي تحديات كثيرة من أهمها النقص في موارد المياه
لأسباب طبيعية أولا و لصعوبات تلبية الاحتياجات المائية مع تزايد الطلب عليها ثانيًا، و لأن المياه أساس التنمية الاقتصادية (الزراعية و الصناعية)، و لا بد من تأمين الاحتياجات الأولية
الأساسية للسكان (البلدية)، و لأن 60 % من موارد المياه العربية الجارية تأتي من خارج الوطن العربي مما يشكل ضغطًا متعدد الأبعاد و الاتجاهات و المستويات على الحقوق المائية العربية، و لأن المياه تحتل مكانة مركزية في الجيوبولتيك الصهيوني، و هذا يشكل تحدٍيًا كبيرًا للأمن القومي العربي. حاول البحث دراسة واقع استثمار المياه في الوطن العربي فتبين أن 88 % من المياه المستخدمة تذهب إلى الزراعة، و أن 7% تذهب إلى الاستخدامات البلدية و نحو 5% إلى الصناعة.
و لكن بالوقت نفسه يستثمر نحو 53 % من موارد المياه المتاحة، و هذا يعد تجاوزًا خطيرًا للمستوى المسموح به عالميًا. قام البحث بوضع استراتيجية مناسبة لإدارة موارد المياه و إيجاد علاقة توافقية بين الاحتياجات و قدرات الإمداد بالمياه، من الزراعة و الاستخدامات البلدية و التنمية و الدفاع عن الحقوق العربية المائية و التصدي للأطماع الصهيونية في المياه العربية.
تسير معظم الدول العربية نحو نقص حاد في الموارد المائية مما يشكل عجزًا خطيرًا في توفير
المياه لغايات الشرب و الري و الصناعة، و هذا يعود لعدة أسباب يأتي في مقدمتها النمو السكاني
و ازدياد مناطق التحضر و تطور بلدان المنطقة صناعيًا و ازدياد المساحات الم
زروعة التي
تتطلب مياهًا للري. فضلا عن نضوب المخزون الجوفي و تناقص موارد المياه السطحية
و تدهور نوعيتها نتيجة الاستنزاف المستمر و التلوث.
و إن ما يزيد في خطورة هذه الأزمة هو أن قرابة نصف الموارد المائية العربية السطحية
المتجددة تأتي من مصادر مائية مشتركة مع الدول المجاورة غير العربية (كالنيل و دجلة
و الفرات)، كما أن هناك محاولات من قبل هذه الدول للاستئثار بأكبر كمية ممكنة من المصادر
المائية المشتركة معها في أحواض هذه الأنهار.
و تهدف هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على هذه المشاكل و آفاقها المستقبلية و الحلول
و المقترحات اللازمة لتفاديها أو التقليل من مخاطرها.
يعد موضوع الأمن المائي العربي من الموضوعات الاستراتيجية الحيوية المهمة التي تشغل
اهتمام الباحثين بمختلف اختصاصاتهم و المهتمين بالشؤون المائية و البيئية و الاقتصادية
و الاجتماعية و الثقافية و السياسية... الخ. و ذلك نظراً للأهمية الكبيرة التي تحتلها
مسألة المياه في
الوطن العربي التي تتصف بالمحدودية و الندرة و خاصةً مع تزايد الضغط السكاني في البلدان
العربية و التوسع الكبير في استخدام المياه سواء في الصناعة و الزراعة أو في مجال الاستهلاك
المنـزلي و غيره .