تطرق العديد من الباحثين والمفكرين الذين تناولوا مفهوم التسويق بالعلاقات في دراساتهم، إلى ذكر مجموعة من العناصر والمكونات التي يشتمل عليها هذا المفهوم، والتي شكلت أبعاداً يقاس بها هذا التوجه وهي على الشكل التالي:
الثقة ( Trust )
تعتبر الثقة حجر الأساس لبناء العلاقة، ولذلك فهي مضمنة في معظم نماذج العلاقات.[1]
إن الثقة بمصداقية الطرف لآخر هي الشعور بإخلاص هذا الطرف، وأنه يبقى على كلامه ويفي بوعوده التي قطعها.
وتوجد الثقة عندما يكون كل طرف من أطراف التبادل متأكداً من مصداقية ونزاهة الطرف الأخر، إذ يعتبر عنصر الثقة جوهر العلاقات التبادلية.[2]
كما أن الثقة شرط ضروري لتنمية العلاقة، وتنبع من احترام شريك التبادل للبعد القانوني للصفقة أو العقد، وتعرف على أنها الاستعداد للاعتماد على شريك التبادل والعناية به لأنه يتسم بخصائص منها الدافعية، الكفاءة، الأمانة، المصداقية، النزاهة، الوعود، المسؤولية والميل للمساعدة وهي شعور واستعداد لانتهاج مسلك المخاطرة للحفاظ على العلاقة.[3]
تعد الثقة أهم عنصر من عناصر التسويق بالعلاقات سواء في العلاقات التجارية أو غير التجارية، لأن الثقة أساس التعامل، وأساس بناء علاقات طويلة ومتينة بين الزبون والمورد، وحتى على مستوى الموظف الداخلي في المنظمة (Internal Employee ).[4]
هناك عدد من الباحثين ممن تعمقوا في دراسة وتحليل العلاقة المنطقية ما بين ثقة الزبون بمورد الخدمة والتزامه ببناء علاقة معه، وبين رضا الزبون وولائه، فقد قام الباحثان Rosby وSteohens بتسليط الضوء على الدور الحيوي الذي يقوم به رجل المبيعات لبوالص التأمين على الحياة في ضمان ثقة والتزام الزبون بالخدمة، ووجدوا أن الثقة العالية برجل المبيعات أدت إلى تعظيم حالة رضا الزبون وولائه لشركة التأمين التي يمثلها رجل البيع.[5]
بالإضافة إلى وجود العديد من أوجه أو مظاهر العلاقات بين العملاء والمزودين لا يمكن جعلها رسمية بشكل كامل، أو مرتكزة على معايير وقواعد قانونية، لذلك لابد لهذه العلاقات من أن تكون قائمة على الثقة المتبادلة بين أطراف العلاقة.[6]
إذاً للثقة تأثيرات ايجابية على العديد من مخرجات العلاقة كالأداء والرضا وغيرها، وأن درجة توفر عنصر الثقة في العلاقة مهمة جداً لأداء التحالف وطول مدته.[7]
وبالتالي يمكننا القول بأن عنصر الثقة أحد الدعائم الأساسية لمفهوم التسويق بالعلاقات، وبأنه لا يمكن أن يستقيم أي شكل من أشكال العلاقات في ظل غياب هذا العنصر، والذي يعبر عن الصدق والراحة في التعامل، والصراحة المتبادلة بين جميع أطراف العلاقة التبادلية، وأنه يجب أن لا تكون النية الطيبة لأحد أطراف العلاقة موضعاً للشك والريبة عند الطرف الأخر. وبالتالي فإن نجاح وتقدم مفهوم التسويق بالعلاقات يعتمد بشكل أساسي على الثقة التي يضعها العميل في الشركة التي يتعامل معها.
الالتزام ( Commitment )
ويعتبر الالتزام صيغة معقدة، وقد عرّف بطرق عديدة، وعبر العديد من الدراسات التسويقية، ولكن أغلب هذه الدراسات أجمعت على تعريف الالتزام بأنه ارتباط بين طرفين يقود إلى الرغبة في المحافظة على العلاقة، ويعبّر عن قوة نفسية تربط العميل بالمنظمة التي يتعامل معها. ويميل أحد الأطراف للالتزام تجاه الطرف الأخر في حال وجود تكاليف تحول، وإذا كانت المنافع المتحصل عليها من الطرف الأخر من الصعب الوصول إليها والاستفادة منها عن طريق شريك تبادل محتمل آخر.[8]
يعتبر الالتزام أيضاً أحد العناصر الأساسية، والمهمة في العلاقات التبادلية.[9] وتعتبر درجة الالتزام التي يشعر بها أطراف العلاقة تجاه هذه العلاقة، الأساس في نجاح وتطور هذه العلاقة.[10]
تتأثر العلاقة بين الطرفين بدرجة الالتزام المتبادل، وتعرف كإرادة من الطرفين للمحافظة على علاقة دائمة وقوية ومتابعتها على المدى الطويل لزيادة ربحية المنتجات (سلع وخدمات)، واستمرار التبادل المربح بين الطرفين والتفاعل بينهما.[11]
كثير من الباحثين اهتموا بمفهوم الالتزام بصفته عنصراً أساسياً وهاماً من عناصر التسويق بالعلاقات. وما عزز ذلك أن هنالك من الباحثين أمثال كوهن ( Cohen, 2007 ) الذي وصف الالتزام بأنه واحد من التحديات التي تواجه الباحثين في مجال الإدارة والسلوك التنظيمي والموارد البشرية.[12]
وبناءً على ذلك يمكننا القول أن الالتزام يلعب دوراً مهماً وأساسياً في مدخل التسويق بالعلاقات، وإنه يعني الرغبة المشتركة بين أطراف العلاقة للمضي قدماً بها، وتطويرها حتى الوصول إلى الأهداف المطلوبة لكل طرف من أطرافها.
هذا بالإضافة إلى أنه يساعد في تحقيق تعامل مرض، ويشبع الحاجات المادية والمعنوية بأكبر قدر ممكن ولجميع الأطراف الداخلة في العلاقة، كما ويسهل هذا العنصر عملية انخراط العملاء في عمليات الشركة وخططها، مما يسهل عليها وضع الخطط، وتخفيض درجة الغموض، والخروج بمنتجات وتقديم خدمات تزيد من رضا العملاء، وتشبع حاجاتهم الخاصة وتكون قريبة منهم وتشعرهم بأنهم ساهموا في صنعها وتقديمها.
الاتصال ( communication )
يعتبر الاتصال سمة يتميز بها النشاط التسويقي بشكل عام، ويبرز هذا العنصر ليشكل أحد الأبعاد الأساسية والمهمة لمفهوم التسويق بالعلاقات.
وتعتبر الاتصالات التسويقية من أكثر العناصر المرئية والمحسوسة في استراتيجيات الشركة التسويقية.[13]
هذا ويعتبر الاتصال وسيلة اجتماعية يتم من خلالها التفاهم بين الأفراد والجماعات، وخلق حركة ( ديناميكية ) الجماعة، والاتصالات وسيلة رئيسة من الوسائل التي تستخدم لتحقيق أهداف المنظمة بشكل عام، إذ يتم من خلالها نقل المعلومات والبيانات والآراء والأفكار بين الأفراد لغرض تحقيق الأداء المستهدف للمنظمة. تعتبر الاتصالات، بشكل عام، بمختلف صورها الرسمية وغير الرسمية على درجة عالية من الأهمية في المنظمة، فقد أشارت الدراسات والأبحاث بأن الاتصالات تمثل ما يقارب ( 75% ) من نشاط المنظمة، ولذلك تعدّ الدم الدافق عبر الشرايين الحياتية للمنظمة. ومن دون الاتصالات تموت أو تضمر الحركة الدائبة للمنظمة وجميع الأنشطة الأخرى.[14]
وتتجلى أهمية هذا العنصر، بأنه أحد الدعائم الأساسية التي تُبقي المنظمة في حيز الوجود وفي دائرة المنافسة. فالاتصال الجيد بين المنظمة وجمهورها المستهدف يساعد على بناء الثقة بين شركاء العلاقة، وذلك من خلال تقديم آلية تساعد على معالجة الخلافات، بالإضافة إلى تحسين قدرة هؤلاء الشركاء على تقديم وترتيب توقعاتهم وتصوراتهم.
اعتبر الباحثون الاتصال على أنه وسيلة تبادل رسمية أو غير رسمية للمعلومات بين البائعين والمشترين، لأن التسويق بالعلاقات يسلط الضوء على أهمية تبادل المعلومات في العلاقات التجارية، لما لهذا العنصر من تأثير ايجابي وغير مباشر على عنصر الالتزام في العلاقات التجارية.[15]
هذا ويعتبر الاتصال مع العملاء أحد السمات المركزية للتسويق بالعلاقات، ويؤدي إلى إشراك العملاء في الحوار التسويقي الذي يعد شرطاً أساسياً لتحقيق الارتباط والولاء، الأمر الذي يؤدي إلى تأسيس علاقات ايجابية.[16]
كما وينبغي على منظمات اليوم أن تركز على أن تقديم أعلى قيمة للعملاء من خلال اتصالات أفضل وأقوى مع عملائها.[17]
نستنتج من ذلك أنه طالما هنالك علاقة، فلا بد من توفر حد أدنى من الاتصال بين أطراف هذه العلاقة، وبقدر ما يكون هذا الاتصال فعالاً، وعبر قنوات متعددة رسمية وغير رسمية، ويسمح بتدفق المعلومات بيسر وسهولة بين أطراف العلاقة وباتجاهات متعددة، فإن ذلك سيساعد العلاقة على التطور بسرعة، لكي ترقى إلى الحد المطلوب، والمرضي لجميع الأطراف .
الارتباط ( Bonding )
يعرف الارتباط بصفته عنصراً من عناصر العلاقات التسويقية بأنه ذلك النوع من الارتباط الذي يجعل كلاً من طرفيها ( العميل – المنظمة ) يتصرف بأسلوب واحد نحو الهدف المرغوب. عنصر الارتباط بصفته عنصراً من التسويق بالعلاقات يشمل تطوير وتحسين ولاء العميل، ويؤثر مباشرة في مشاعر المودة والإحساس بالانتماء إلى العلاقة مع المنظمة، وبشكل غير مباشر يؤدي إلى اعتياد العميل على التعامل مع المنظمة.[18]
وهنك ثلاثة أنواع من الروابط، والتي من الممكن أن تربط العميل بالمنظمة التي اختار التعامل معها للمرة الأولى:
1 الروابط المالية Financial Bonds
وقد عرفها Berry على أنها دافع أو محرك للمحفزات الموجودة عند العملاء للاستهلاك، ولكسب ولائهم من خلال المحفزات السعرية. وقد أكدت الكثير من الدراسات على أن أحد الدوافع الأساسية للعملاء للدخول في علاقات تبادلية هي توفير الأموال.[19]
وتكون قائمة على تقديم حوافز مادية للعملاء لتشجيعهم على تكرار الشراء، وربطهم مع المنظمة لأطول فترة ممكنة، ولكن مثل هذه الإستراتيجية سهلة التقليد من قبل المنافسين، وتأثيرها قصير الأجل شأنه شأن وسائل تنشيط المبيعات الأخرى، ولا بد أن تترافق مع مستوى مناسب من الجودة المدركة من قبل العملاء.[20]
في مثل هذه الاستراتيجيات تعتمد الشركات بشكل أساسي في بيع منتجاتها على سعر محدد يقبل به الزبائن ويكون مقبولاً ومعقولاً عندهم. ويتحدد السعر من قبل الشركة بناءاً على أهداف وخطط معينة، آخذة في الاعتبار أمور معينة مثل حجم الشراء ومستوى الدخل عند الزبائن وأمور أخرى. وهذا كله من أجل الحفاظ على ولاء المستهلكين بحيث تشجعهم على شراء منتجاتها بكميات أكبر.[21]
2 الروابط الاجتماعية Social Bonds
وهي عبارة عن روابط شخصية تركز على أبعاد الخدمة لتطوير العلاقات بين مقدمي الخدمات،والعملاء من خلال التفاعلات الشخصية والصداقة.[22]
وتكون قائمة على أهمية بناء العلاقات الاجتماعية مع العملاء وبشكل شخصي وليس اعتبارهم مجرد وجوه بدون أسماء، وإنما هم أصدقاء معروفون بالنسبة لإدارة المنظمة والعاملين فيها . مع الاستمرار في التعرف إلى العملاء وحاجاتهم والعمل على فهمها ومواكبة إشباعها بشكل يضمن رضا العملاء.[23]
وتسهل هذه الروابط من الاهتمام الشخصي والاستماع لحاجات العملاء مما ينعكس بشكل ايجابي على الفهم المتبادل بين أطراف التبادل ونجاح العلاقة، والوصول إلى أعلى درجات الرضا عند العملاء، كما ويؤثر وجود مثل هذه الروابط بين المنظمة وعملائها بشكل ايجابي على مشاعر وعواطف العملاء وإشعارهم بأنهم ليسوا فقط مجرد فرص بيعية لجني الأموال وعقد الصفقات معهم.
3 الروابط الهيكلية Structural Bonds
وهي ذلك النوع من الروابط المعتمدة على التقنية والمعرفة والعناصر القانونية أو الاقتصادية التي تمنع أو تحول دون إنهاء العلاقات بين العملاء والمنظمة.[24]
وتعتمد هذه المجموعة من الروابط على المشاركة والتكامل مع العملاء الذين يرتبطون مع المنظمة بعلاقات طويلة الأجل، سواء في المعلومات أو الموارد أو التكنولوجيا، وصولا إلى تقديم المنتج المطلوب من قبل العملاء . ومثل هذه المجموعة صعبة التقليد من قبل المنافسين، مما يمكن المنظمة من تحقيق الميزة التنافسية، من خلال العلاقات مع العملاء.[25]
وتقدم الروابط الهيكلية منافع القيمة المضافة، والتي تكون صعبة أو باهظة أحياناّ بالنسبة للشركات التي تبحث عن تحقيقها، والتي تكون غير متوفرة في مصادر أخرى منافسة، وهذا يرفع من تكاليف التحول للمنافسين بالنسبة للعملاء، ويشكل خطوة أساسية ناجحة للمحافظة عليهم وحرمان المنافسين من الحصول عليهم.
وقد تتضمن هذه الروابط أحياناّ برنامج حلول هيكلي متكامل للعملاء، مثل باقة الخدمات المتكاملة من خلال شركاء العمل، والتي تكون غير متوفرة في مصادر أخرى، وهذا يرفع من تكاليف التحول للمنافسين.
نستنتج من ذلك كله أن هذه الأنواع من الروابط تحتل مكاناً مميزاً في أهميتها ودورها الفعّال في مفهوم التسويق بالعلاقات، وإسهامها في جعل العميل يشعر بالتميز، وأنه أحد العملاء المهمين في نظر الشركة، وأنه في تواصل دائم معها، وأيضاً أنه في حسابات الشركة في كل تحركاتها.
هذا بالإضافة إلى أهميتها في إضافة بعض الأمور المادية المحسوسة التي يستطيع العميل تميزها بسهولة والشعور بها، من جراء العلاقة التي تربطه بالمنظمة، والتي تجعله يشعر بالسعادة والفخر لتعامله مع منظمة تقدر حاجاته المادية والمعنوية في آن معاً.
ويمكن أن تتطور هذه الروابط لتأخذ شكل برامج متكاملة قائمة بحدّ ذاتها، وعلى عدة مستويات، بحسب توجه المنظمات للعلاقة مع عملائها، ومدى أهميتها بالنسبة لها، وهو ما سنأتي على ذكره لاحقاً.
التعاطف ( Empathy )
ويشير إلى درجة العناية بالمستفيد، ورعايته بشكل خاص، والاهتمام بمشاكله والعمل على إيجاد الحلول لها بطريقة إنسانية راقية وبكل ممنونية.[26]
كما يشير أيضاً إلى إظهار قدر كبير من الرعاية والاهتمام الشخصي المقدم للعملاء.[27]
ويمكِّن التعاطف من النظر إلى مفهوم التسويق بالعلاقات بصفته مشاركة، وفهم وإحساس بمشاعر الشخص الأخر في الموقف الذي يجسّد العلاقة بين أطراف التبادل.[28]
وهو أيضاً ذلك العنصر من عناصر العلاقات التسويقية الذي يمكّن الطرفين من رؤية الأوضاع الخاصة بالتعاملات من منظور الطرف الأخر، وإرادة البحث لدى أحد الأطراف لفهم رغبات وأهداف ذلك الطرف. وقد استخدم التعاطف في الدراسات المتعلقة بتسويق الخدمات باعتباره أحد العناصر الأساسية في العلاقة بين العميل ومقدم الخدمة.[29]
ويمكننا القول إنه بقدر ما يكون الوقت، الذي يحتاجه المسوّق أو مقدم الخدمة للتعرف على حاجات العملاء، وتفهم مشاعرهم قصيراً، فإنه سيصل إلى درجة الرضا المطلوبة عند العملاء بسرعة أكبر.
أي يمكن القول إن التعاطف هو القدرة على النظر والتعامل مع المواقف من منظورات الطرف الآخر ( أي بحسب ما يدركه ويتوقعه ).[30]
وهذا سينعكس على الراحة النفسية للعميل ولمقدم الخدمة في الوقت نفسه، مما سيجعله يشعر بالحماس والسعادة عند تقديم الخدمة للعميل. وبتالي يعتبر التعاطف بصفته عنصراً من عناصر التسويق بالعلاقات نافذة للتعرف على رغبات وحاجات الطرف الآخر النفسية والعاطفية، وكل ذلك في جو مريح لأطراف العلاقة كلها.
ويشكل التعاطف أيضاً أحد الأبعاد الخمسة الأساسية لمقياس جودة الخدمات الشهير، والذي يعرف ( SERVQUAL )، بالإضافة إلى أبعاد الاعتمادية– الملموسية– الأمان– الاستجابة.
معالجة الصراع ( Conflict handling )
وهو السلوك الذي يظهره مقدم الخدمة، عندما يحدث تضارب في المصالح والاهتمامات بينه وبين عملائه، ويؤدي هذا السلوك إلى زيادة رضا العملاء، وزيادة ثقتهم والتزامهم تجاه مقدم الخدمة الذي يتعاملون معه.[31]
ولهذا تعبّر الإدارة الفعّالة لمعالجة الصراع عن عملية تمكين، تنتج عنها روابط وصلات فعّالة بين الأعضاء المختلفين في القناة التسويقية ، وتؤمن أداة تحكم لتحقيق التكامل بين جميع أطراف العلاقة في القناة التسويقية.[32]
كما وأن المعالجة العادلة والشخصية، تعكس مظاهر التهذيب والاهتمام والأمانة في عملية الشكوى . بالإضافة إلى التوضيح لإزالة الغموض، والجهد الهادف لمعالجة الصراع.[33]
نلاحظ أنه في كل علاقة تبادلية، قد يحدث بين الحين والأخر بعض الخلافات والاختلافات في وجهات النظر بين أطراف التبادل، وتكثر مثل هذه الظاهرة بشكل واضح في المنظمات الخدمية، إذ نجد الاحتكاك المباشر بين العملاء ومقدمي الخدمات في أكثر الأحيان في أعلى مستوياته. ومن الطبيعي في مثل هذه الظروف أن نجد الكثير من الخلافات بين العملاء وموظفي الخدمات الذين يتعاملون معهم، وقد يحدث الكثير من سوء التفاهم بين الطرفين، الذي يمكن أن يعود لعوامل وأسباب كثيرة تفرضها طبيعة الخدمات، والتي تكون بارزة في بعض الخدمات الصعبة مثل الخدمات التأمينية وغيرها من الخدمات عالية الحساسية، وقد يحدث الخلاف أيضاً بسب طبيعة العميل الصعبة، وصعوبة التنبؤ بردود أفعاله بالنسبة لمقدم الخدمة الذي يتعامل معه.
وهذا ما يُبرر أهمية توفر هذا العنصر في مفهوم التسويق بالعلاقات، والذي يوفر آلية ممتازة لمعالجة مثل هذه الأمور، والتي قد تكون صغيرة في بعض الأحيان لكنها قد تترك أثراً بالغاً لدى بعض العملاء.
فإن حل مثل هذه الصراعات والخلافات بطريقة فعّالة ومرضية للعملاء، سيكون له أثار ايجابية كبيرة للمنظمة، وحتى في حال تكبدها تكلفة إضافية من جراء ذلك، لأن هذا سيسهم مساهمة كبيرة في زيادة رضا العملاء، والمحافظة عليهم وكسب ولائهم.
وقد نجد أحياناً مثل هذه الصراعات بين المستويات الإدارية في الشركة نفسها، أو حتى بين الأفراد والعاملين في المستوى الإداري نفسه، وقد يضر هذا بتحقيق أهداف الشركة، ويخلق جواَ من التشنج في العمل، مما ينعكس على أداء العاملين وعلى جودة المنتجات والخدمات المقدمة، الأمر الذي يستطيع العميل أن يلاحظه بسهولة، ويعمل على تنفيره من الشركة ومن التعامل معها من جديد.
التبادل ( Reciprocity )
وهو عنصر آخر من عناصر التسويق بالعلاقات، ويعني اعتقاد الأشخاص بأنهم يدينون بواجبات لأشخاص آخرين بسبب أعمال مسبقة، وهذا يستند حقيقة إلى أنه إذا كنت تريد المساعدة فعليك بمساعدة الآخرين أولاً.[34]
ويساعد التبادل في بناء احترام الذات وتحقيق الرضا عن العلاقة، ويخفّض من حدة النزاع الممكن حدوثه، كما يساعد على فهم أكثر وضوحاً للمنافع الشخصية التي يمكن أن تتحقق من خلال السلوك التبادلي، ويوفر هذا العنصر حافزاً إضافياً للدخول في تعاملات تجارية إلى جانب الحوافز المالية التقليدية.[35]
وقد يكون من الصعب أحياناً ضمان تحقيق نتائج ايجابية لكل أطراف العلاقة في آن واحد، حتى بالرغم من قوة العلاقة الموجودة، وبالتالي يحدث النزاع. وقد يهدد ضعف الاستجابة أو عدم الرد بسرعة على مثل هذه الأمور استقرار العلاقة. وفي ضوء الحاجة لدمج الجهود لتحقيق الاستقرار في التعامل، يجب توسيع مفهوم التبادل ليشمل مقاومة وإزالة النوايا السيئة لجميع الأطراف، وعدم الرد على الإساءة بالمثل أو رد الضرر بضرر آخر، بل يجب معالجة الضرر المتحقق بشكل فعَّال ومرض، لذلك يجب التركيز على أن يتضمن هذا العنصر عملية توحيد الجهود لبناء علاقات جيدة.[36]
تبين الكثير من النظريات الاجتماعية أن التبادل أساس العلاقة، ويفترض فيه : العطاء، الأخذ ثم العطاء ، فعندما يتبادل فردان شيئين ينتج عن ذلك إلزامية شعورية بتكرار التبادل، فقد تشتري مؤسسة للورق مواد كيميائية من مؤسسة أخرى، وتشتري هذه الأخيرة من الأولى الورق الذي تحتاجه وهكذا...؛ فهما يمارسان التبادلية باستمرار.[37]
ولذلك فإن العلاقات طويلة الأجل من المتوقع أن تبقى مدى الحياة إذا قام أطراف العلاقة بدور متبادل. من جهة أخرى فإن العلاقة ستصبح في خطر إذا ما استثنينا هذه القاعدة.[38]
وبناءً على ذلك فإن عنصر التبادل بصفته عنصراً من عناصر التسويق بالعلاقات هو الذي يجعل أحد الأطراف لديه الرغبة لتقديم الأفضل مقابل الحصول على ما يعادله في وقت لاحق.[39]
ويعني أيضاً تقدير كل طرف لحاجات وامتيازات الطرف الآخر، والاعتراف بها بالإضافة إلى المعاملة بالمثل.
وهذا شيء أساسي في الاستقرار الاجتماعي والعلاقات المتبادلة، كما أن المعاملة بالمثل تميزت بأن العوائد ليست من الضروري أن تكون فورية أو عينية، ولكن المهم أن يكون هناك توازن ومعاملة بالمثل من قبل الأطراف جميعها.[40]
2-4-8 القيمة المشتركة ( Shared value )
وهي مدى وجود اعتقاد عام ومشترك بين الأطراف حول ملائمة أو عدم ملائمة، أو صحة أو عدم صحة كل من الأهداف والسياسات والتصرفات التي يتبعها كل طرف.[41]
ويعبّر هذا العنصر عن القيمة والمنافع الناتجة عن العلاقة، والتي يشترك بها جميع أطراف هذه العلاقة، وهذه المنافع قد تكون مادية أو معنوية أو الاثنين معاً. وهذه القيمة يسعى الطرفان للوصول إليها لأنها القيمة التي تحقق الرضا والقبول للأطراف المشتركة في العلاقة، والتي يصعب الوصول إليها إلا من خلال العلاقة الملتزمة وطويلة الأجل.
[1] Wilson,D.T.1995, An integrated model of buyer-seller relationships. Journal Of The Academy Of Marketing Science, Vol.23, No (4), P337.
[2] Alrubaiee.L, Al-Nazer,N. 2010, Investigate the Impact of Relationship Marketing Orientation on Customer Loyalty: The Customer's Perspective. International Journal of Marketing Studies, Vol.2, No (1), P158.
[3] عيسى، بنشوري، الشيخ، الداوي. 2009، مرجع سبق ذكره، ص369.
[4] ياسين، يوسف محمود. 2010، مرجع سبق ذكره، ص24.
[5] الطائي، حميد عبد النبي، العلاق،بشير عباس. 2009، تسويق الخدمات مدخل استراتيجي – وظيفي – تطبيقي. دار اليازوري، عمان، الأردن، ص163.
[6] Ford.D. 1984, Buyer/seller relationships in international industrial markets. Industrial Marketing Management, Vol.13, No (2), P18 .
[7] Farrelly.F, Quester.P. 2005, Investigating large-scale sponsorship relationships as co-marketing alliances. Business Horizons, Vol.48, P59 .
[8] Fullerton.G, 2005, The service quality–loyalty relationship in retail services: does commitment matter?. Journal of Retailing and Consumer Services, Vol.12, P100 -101 .
[9] Alrubaiee.L, Al-Nazer.N. 2010, Op Cit, P159 .
[10] Gonway.T, Swift.J.S. 2000, International relationship marketing The importance of psychic distance. European Journal of Marketing , Vol.34, No (11/12), P1393 .
[11] عيسى، بنشوري، الشيخ، الداوي. 2009، مرجع سبق ذكره، ص369 .
[12] ياسين، يوسف محمود، 2010، مرجع سبق ذكره، ص
[13] O'Malley.L, Prothero.A. 2004, Beyond the frills of relationship marketing. Journal of Business Research, Vol.57, P1288 .
[14] عبوي، زيد منير. 2006، إدارة الموارد البشرية. ط 4، دار كنوز المعرفة، عمان ، الأردن، ص 81-82 .
[15] ياسين، يوسف محمود. 2010، مرجع سبق ذكره، ص
[16] Anderson.P.H. 2005, Relationship marketing and brand involvement of professionals through web-enhanced brand communities: The case of Coloplast. Industrial Marketing Management, Vol.34, P39 .
[17] Ryding.D. 2010, The impact of new technologies on customer satisfaction and business to business customer relationships: Evidence from the soft drinks industry. Journal of Retailing and Consumer Services, Vol.17, P227.
[18] حسن، أحمد عبد الوهاب. 2007، مدى تطبيق التسويق بالعلاقات مقابل التسويق بالمعاملات في قطاع الفنادق المصرية. مجلة الدراسات والبحوث التجارية، العدد الأول، كلية التجارة، جامعة بنها، ص 12 .
[19] Chiu et al. 2005, Relationship marketing and consumer switching behavior. Journal of Business Research, Vol.58, P1682-1683 .
[20] حسن، الهام فخري، 2003، مرجع سبق ذكره، ص402 .
[21] ياسين، يوسف محمود. 2010، مرجع سبق ذكره، ص
[22] Chiu et al. 2005, Op Cit, P1683 .
[23] حسن، الهام فخري. 2003، مرجع سبق ذكره، ص402 .
[24] حسن، أحمد عبد الوهاب. 2007، مرجع سبق ذكره، ص13 .
[25] حسن، الهام فخري. 2003، مرجع سبق ذكره، ص403 .
[26] الطائي، حميد عبد النبي، العلاق، بشير عباس. 2009، مرجع سبق ذكره، ص247 .
[27] Ahmad et al. 2010, An empirical investigation of Islamic banking in Pakistan based on perception of service quality. African Journal of Business Management, Vol. 4, No (6), P1187 .
[28] Olotu et al. 2010, An Empirical Study of Relationship Marketing Orientation and Bank Performance. Research Journal of International Studies, Issue (16), P50 .
[29] حسن، أحمد عبد الوهاب. 2007، مرجع سبق ذكره، ص14 .
[30] Wang.C.L. 2007, Guanxi vs. relationship marketing: Exploring underlying differences. Industrial Marketing Management, Vol.36, P84 .
[31] Ivens.B.S. 2005, Flexibility in industrial service relationships: The construct, antecedents, and performance outcomes. Industrial Marketing Management, Vol.34, P569 .
[32] Chang.K.H, Gotcher.D.F. 2010, Conflict-coordination learning in marketing channel relationships: The distributor view. Industrial Marketing Management, Vol.39, P289 .
[33] Tax et al. 1998, Customer Evaluations of Service Complaint Experiences: Implications for Relationship Marketing. Journal of Marketing, Vol.62, P62
[34] Olotu et al. 2010, Op Cit, P50 .
[35] Pervan et al. 2009, Reciprocity as a key stabilizing norm of interpersonal marketing relationships :Scale development and validation. Industrial Marketing Management, Vol.38, P68 .
[36] Ibid, P61
[37] عيسى، بنشوري، الشيخ، الداوي. 2009، مرجع سبق ذكره، ص369 .
[38] Wang,C.L. 2007, Op Cit, P84 .
[39] حسن، أحمد عبد الوهاب. 2007، مرجع سبق ذكره، ص15 .
[40] ياسين، يوسف محمود. 2010، مرجع سبق ذكره، ص25
[41] حسن، أحمد عبد الوهاب. 2007، مرجع سبق ذكره، ص14