تعد السوق التأمينية واحدة من أهم الأسواق نظراً لعمق أثرها على المستويات الاجتماعية والاقتصادية ,فأي مؤسسة تأمينية تغطي"الحياة والموت والعجز والإصابة وآثارها والمسؤولية المدنية والحوادث والحرائق والخسارة والمستقبل وما فيه من شيخوخة وعوز والدراسة والزواج والزراعة والماشية هذا ناهيك عن البطالة واليتم".
إن تحقق الخطر له بالغ الأثر والانعكاس على أي مشروع أو عمل يُخَطَّط له, لذلك نجد الإنسان غارقاً عن غير إرادة منه أو انتباه في عملية التفكير حيال أي مشروع أو فكرة مشروع من خلال الموازنة بين ما يخاطر به وما يحتمل أن يصادفه من مخاطر في حال الشروع بفكرة المشروع وبما يتوقعه من مردود فإما أن يقدم على المشروع بروح معنوية أو يحجم و يوقف فكرة التنفيذ حسبما يشعر بوجود دعم وضمان له في المستقبل و مشاركة في تحمل نتائج الخسائر و المصاعب إن تحققت في المستقبل.
وطالما أن درجة الخطورة و أهمية الخطر تتناسب طرداً مع كبر المشروع فإن المشاريع الكبرى هي ذات المردود الأكبر, و بناء عليه فإن إقبال الإنسان و إقدامه أو إحجامه عن المشاركة في هذه المشروعات أو تلك يزيد أو يقل بحسب ملاءته المادية أولاً و قدرته على تحمل الأخطار ومواجهتها ثانياً.
وبالتالي لا يوجد أي حافز أو تشجيع لدى الإنسان على أن يغامر بمصيره المادي آملاً من ذلك ربحاً وفيراً متوقعاً من إنتاج مشروعه في حال كانت درجة الخسارة تزيد عن كل طاقاته إلا إذا جاءت هيئة ما ومدت له يد العون بحيث تؤمنه وتمنحه الثقة وتحيطه بالدعم مؤكدة بذلك وقوفها إلى جانبه من أجل تخفيف حدة الإصابة في حال حدوثها, بل لتتحمل عنه أيضاً عبء كابوس الخسارة المادية الناتجة وهذا الدعم تختص به مؤسسات التأمين دون غيرها كونها المؤسسات الوحيدة التي تتعامل بسلعة التأمين وتهتم بها.
وبالتالي فإن وجود مؤسسات الضمان إلى جانب المواطنين يزيد من قدرتهم على المساهمة في عمليات التنمية الاقتصادية ويشجعهم على اتخاذ قرارات البدء بعمليات إنتاجية ومشاريع اقتصادية بعيدة المدى ذات مردود وفير إضافة إلى ما توفره من طمأنينة لهم و لمن يرعونهم مانحةً إياهم الثقة بمستقبل أفضل وعيش أرغد.
فمسؤولية تغطية الأخطار و الحد من آثارها الضارة ليست مسألة إنسانية فقط بل إنها مسألة اقتصادية ذات منفعة متبادلة بالنسبة للفرد والمجتمع في آن واحد و ذلك لأن رعاية الدولة لهذه المصالح توجب أن يكون لها القول الفصل في اتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة و المناسبة سواء كانت مادية أو معنوية ذات صياغة قانونية أو مدعومة بالمنطق والحق المشروع.
وقد تنبهت دول العالم إلى الأهمية الاقتصادية للتأمين فعملت على تشجيعه و تطويره بكافة الوسائل ويمكن أن نجمل هذه الأهمية بعدة نقاط هي:
أ-زيادة الإنتاج: من خلال عدة أمور أهمها:
- يحافظ التأمين على قوى الإنتاج سواء أكانت مادية أو بشرية من خلال دراسته للأخطار التي قد يتعرض لها من جهة والتخفيف من حدة تحقق هذه الأخطار من خلال تلافي أسبابها والعمل على تجنب حدوثها.
- يساعد التأمين على تفرغ أصحاب الوحدات والمشاريع الاقتصادية لرسم سياسات الإنتاج في جو من الاطمئنان والقدرة على التنبؤ بمستقبل الأرباح المتوقعة مما يساهم في رفع مستوى الكفاءة الإنتاجية.
ب-يعد التأمين وسيلة لتكوين الأموال:
طالما أن مؤسسات التأمين تعمل على تجميع الاحتياطيات النقدية المحصّلة من المؤمن عليهم, فإنها تعمل على توجيهها لأجل تمويل خطط التنمية الاقتصادية من خلال توظيف هذه الأموال في أوجه الاستثمارات المختلفة. الأمر الذي ساعد على تقليل الاحتكار من خلال دخول هذه المؤسسات كمنافس للمشروعات الائتمانية الموجودة مما ساهم في توسيع أنشطتها".
جـ-المساهمة في تمويل خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية:
تساهم مؤسسات التأمين على مستوى الدولة من خلال الفوائض المكوَّنة لديها في تمويل خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية حيث تعمل على تحويل هذه الفوائض على صندوق الدين العام من أجل استثمارها في المشاريع الاستثمارية للدولة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي.
ففي سورية ساهمت المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية في تمويل خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال تحويل الفائض المتكون لديها من أقساط التأمين المحصَّلة من المؤمَّن عليهم ومن أصحاب العمل إلى صندوق الدين العام ليتم استثمار هذا الفائض في المشاريع الاستثمارية للدولة نتيجة للصلاحيات و الحقوق التي أعطاها القانون رقم /78/لعام 2001.