يستجلي هذا البحث أحد الأساليب البلاغية و الفكرية, قديم العهد, حديث المصطلح, الموسوم بالمفارقة, و ذلك بالوقوف على ماهية هذا الأسلوب, و أبعاده و آلياته, و أنواعه, لما له من ارتباط وثيق بالتجربة الشعرية, و الخبرة الفنية, و الإدراك الوجودي المتصل بقضايا
الكون القائمة على مبدأ الثنائيات و علاقات التضاد فيما بينها, ثم تجلي هذا الأسلوب في شعر الفتوحات الإسلامية في صدر الإسلام.
يقوم البحث الحالي بدراسة الألوان , و فاعليّتها في البيت الشعري فالقصيدة قائمة
على مجموعة من المشاعر , حاول الشاعر أن يثير قضايا متعدّدة و أفكارا تطرّق
من خلالها لذكر الألوان التي كان لها دور كبير في الإيحاء بالنسق المضمر
الذي أراده الشاعر .
يحدد هذا البحث فرضه العلمي، و رؤيته النقدية، فيرى أن الشعراء لا يصورون العالم الخارجي كما هو، بل يصورون علاقتهم به، و موقفهم منه، و لذلك يضيفون إلى هذا العالم عناصر عاطفية و عقلية و خيالية و فنية. و يطبق هذه الرؤية لاختبار فرضه العلمي (عدم تصوير العا
لم الخارجي كما هو...) على موضوع "القطا" في نماذج من شعر صدر الإسلام و العصر الأموي، فيعرض هذه النماذج و يحللها في ثلاثة سياقات:
1- سياق الحب و الغزل. 2- سياق الرحلة. 3- سياق الصيد.
و قد أظهر البحث صحة فرضه العلمي المذكور، و تبين من تحليل النصوص
الشعرية أن الشعراء وظفوا "القطا" فنيًا للتعبير عن أحاسيسهم و مشاعرهم، و تصورهم للكون و نواميسه. و بذلك كانت طيور "القطا" التي أحسنوا تصوير أطراف واسعة من حياتها وسيلة فنية للتعبير عن ذواتهم و رؤاهم و تصوراتهم.