ترغب بنشر مسار تعليمي؟ اضغط هنا

في المقاربة الأولية لجدل الثقافة و الخصوبة تحضر السوسيولوجيا و معها كلّ أدوات وعي الذات و العالم، و إعادة إنتاج أدوات السيطرة على العلم الذي تكتشفه. و مع أن قضية السكان محكومة ببعدها المحلي أولاً، إلاَّ أنها تظلّ تحتـاج عالميـة الرؤيـة لوضعها في ا لسياق العالمي، لكن منهجية التناول الـديمغرافي و محـددات السـلوك الإنجابي للمرأة، و جدل الثقافة و الخصوبة تفرض مقاربة الواقع فـي سـياق بنائـه التاريخي فلا تُغِرقه في الأَدلجة و حضور الذات وحدها، كمـا لا تُوقِـع بـه أسـير التجريبية الأمبريقية. إن تناول متغيرات ثقافة الخصوبة للمرأة في سورية يجيء هنا مختلفاً عـن تقليـد حصر التناول في أبعاده الديمغرافية و الاجتماعية، إذ تُحضِر سوسـيولوجيا التنـاول اقتصاد التربية و التعليم و تأسيسه لجملة عوامل ثقافية ـ تاريخية، تشترك مع ثقافة المؤسسات العائلية و المجتمعية في تحديد و رسم متغيـرات الخصـوبة. إن وعـي الخصوبة بمتغيراتها و أفعالها البيولوجية أولاً، ثم الارتقاء بأفعال المرأة للخصـوبة الإنتاجية، يحتاج السوسيولوجيا لاكتشاف أثر كل هذه العوامل، حيث تُحيلها إلى العلم و تعيد إنتاج أدوات وعيها و السيطرة عليها. و يظلّ التحكم بأفعال المرأة الإنجابية أو سلوكها الإنجابي رهنّاً بانتقالها مـن دائـرة الاقتصاد الاستهلاكي الريعي، الذي ينتج أفعالها المخصبة بيولوجياً، إلـى الاقتصـاد الإنتاجي الذي يرتقي بأفعالها إلى الإنتاج الثقافي و التـاريخي الـواعي و العقلانـي، فتصبح هنا مقولة الاستثمار في الرأسمال البشري (رجلاً كان أم امرأة) هو الضمان الحقيقي للمستقبل، حيث يصبح التواصل مع المرأة فاعلاً، بذلك القدر الذي يتطلبـه التطور الاقتصادي منها لإثبات كيانها و حضورها كإنسانة و كعاملة و منتجة.
mircosoft-partner

هل ترغب بارسال اشعارات عن اخر التحديثات في شمرا-اكاديميا