يقوم التنظيم المكاني على تحليل توزع شبكة المنشآت و المراكز الخدمية في
المدن مع التركيز على دراسة التكامل و الاقتران المكانيين، و التوطن المكاني (التوزع
و التركز المكاني)، و نطاقات التخديم، و دورية تسوق الخدمات، و كذلك الارتباطات أو
العلاقات (الإد
ارية و التقنية و الاستهلاكية) المشكلة للبنية المكانية الخدمية التي تقود
جميعها في نهاية الأمر إلى التوزع الجغرافي الأمثل لشبكة المنشآت و المراكز الخدمية
كمنظومة شاملة و متكاملة في المدن حاضرًا و مستقبلا، بما يقّلص وقت المستهلكين،
و يحقق أكبر فعالية اقتصادية و اجتماعية ممكنة، مع العدالة في التوزيع و سهولة نيل
الخدمة و تلبيتها لاحتياجات السكان كمًا و نوعًا و تنوعًا، و ذلك بالتوافق مع الظروف
الطبيعية و الاجتماعية و السكانية و الاقتصادية و العمرانية للمكان (مثل حجم المدينة
و شكلها و وظائفها و موقعها و بيئتها الطبيعية، و عدد السكان و خصائصهم، و مدى خدمة
المدينة لظهيرها، و نسبة المستهلكين للخدمات و فئاتهم، و طبيعة المخطط التنظيمي
للمدينة و استخدامات الأراضي فيه، و شبكة الطرق و وسائط النقل و غيرها).و تُوزع المنشآت و المراكز الخدمية و الخدمات التي تقدمها بشكل يتناسب كمًا
و نوعًا مع الأحياء و الأقاليم السكنية و الجزء المركزي في المدينة. و يحتوي الجزء
المركزي في المدينة على أغلب النشاطات الخدمية، لأنَّه يشكل الحد الأقصى من
سهولة الوصول بالنقل، و هذا ما يحدد أهميته الكبيرة في التنظيم المكاني للخدمات
السكانية في المدينة، و كّلما كانت المدينة صغيرة ازداد نصيب مركزها في تقديم
الخدمات.
و من الضروري هنا أن وُ توزع المنشآت الخدمية بين أحياء المدينة و أقاليمها
السكنية و بين أماكن العمل و المراكز الاجتماعية و العلمية و نقاط تغيير وسائط النقل،
انطلاقًا من مصالح المستهلكين و همومهم و إمكانيات الدولة و التخطيط للتطور المكاني
للخدمات السكانية في المدينة.