ما تزال الظّاهرة العذريّة تثير التّأمل رغم القراءات الكثيرة التي قاربتها محاولة الوقوف على تفسير مقنع لها، مستعينة في سبيل ذلك بأدوات إجرائيّة متنوّعة، أوحت كلّ منها بقدرتها على كشف أسرار هذه الظّاهرة. و قد أضاءت تلك الدّراسات جوانب مهمّة من الظّاهرة
العذريّة، و قدّمت تفسيرات مختلفة، لكلّ منها نصيب من الصّواب، غير أنّها كشفت عن ثراء الظّاهرة أكثر ممّا كشفت عن أسبابها؛ فكلّ جواب قدّمته ولّد سؤالاً، أو أسئلة، حتى لقد بدت العذريّة ملفّعة بغموض الحبّ نفسه، و بسحره و رحابته.
و هذا البحث محاولة متواضعة للإسهام في الوصول إلى تفسير مقنع - أو مقبول، على الأقلّ - للظّاهرة العذريّة، و لذلك عليه أن يحاور التفسيرات التي قدمتها الدّراسات السّابقة، محاولاً فحص الأُسس التي قامت عليها.