ركّز البحث لى توضيح العلاقة بين أهم المتغيّرات الدولية المعاصرة و يأتي في
مقدمتها ما أفرزه الحرب الباردة من التحوّل من نظا الثنائية القطبية إلى نظام الأحادية
القطبية و الذي تتربّع فيه الولايات المتحدة الأمريكية على رأس هرمه، ثّم تأتي العولمة
بتجلي
اتها و أبعادها المختلفة، و تأثيرها على سيادة الدول باعتبارها إحدى إفرازات النظام
الدولي الجديد، و الذي يرمي إلى سيطرة الولايات المتحدة الأمريكية على العالم و على
المنطقة العربية بشكل خاص، فالعولمة السياسية تدعو إلى إلغاء مفهوم السيادة الوطنية
و تدعو إلى عالم بلا حدود، فضلاً عن تمسّكها بشعارات التدخّل الإنساني و حماية حقوق
الأقليات كأداة تبريرية تجيز لها التدخّل في الشؤون الداخلية للدول و فرضها للمشاريع
الإقليمية.
يعتبر موضوع التدخل من أجل نشر الديمقراطية, و لا سيما باستخدام القوة العسكرية من الموضوعات التي دار حولها جدل و نقاش كبيران في الفقه الدولي, و تحديداً مدى مشروعية هذا النوع من التدخلات في العلاقات الدولية .
و كيف يمكن تحقيق التوافق بين الديمقراطية كح
ق من حقوق الإنسان, و بعض المبادئ الأصيلة التي استقر عليها النظام الدولي بصيغته المعاصرة و تحديداً مبدأ عدم جواز التدخل المنبثق عن فكرة السيادة الوطنية للدول؟
الجولان ليس مجرد هضبة و جبال و سهول و وديان تبلغ مساحتها ( 1860 كم 2
و قد وقع تحت الاحتلال الصهيوني منها نحو ( 1254 كم 2)، ثم انسحبت قواته من مساحة ( 100 كم 2) بموجب اتفاقية الفصل عام ( 1974 م)... و لا هو مجرد مياه و أشجار، تزين طبيعتها و أضرحة و آث
ار؛ و كنائس و مساجد و عمران تغني تاريخها..
و ليست مجرد قطعة من الأرض تمتاز بموقعها الجغرافي؛ و سجلها التاريخي الثري بالأحداث و الانتصارات التي انعقدت على رايات الجيوش و لا سيما العربية
الإسلامية...
العولمة مبدأ ثائر، يسوق بين يديه الخطأ والصواب بعصًا واحدة، لا يمكن في طبيعة الثائر إلا هذا، فالغرب ممثلا بأمريكا –في أيامنا هذه- لا يبرح متخذًا مبدأ الصراع حتى يسلخ الشرق عن تاريخه و حضارته، أيصرع فيموت بحقده، أم يدفن بشؤم أعماله، و ليس دعاة العولمة
مصلحين، بل أصحاب قوة زهاهم النصر، الذي اتفق لهم في وقت تشرذم العالم و انقسم، فخرجوا من تلك الحروب الصغيرة، و هم يجأرون (نريد، نفعل.. ندمر..)، فغلطوا غلطة أرادوها منتصرة، فعرضوها على المساكين، فقهرتهم و آذتهم في كل جانب، إلا أن هذا السعار لن يدوم
طويلا، و لن يمكث في الأرض إلا ما ينفع الناس.