ترغب بنشر مسار تعليمي؟ اضغط هنا

لكل إنسان الحق في أن تحترم حياته الخاصة. و هذا الحق هو من حقوق الإنسان الأساسية. فلكل إنسان الحق في منع تطفل الآخرين و فضولهم، كما أن له الحق في اتخاذ الإجراءات التي يراها مناسبة لحماية حياته الخاصة . و يختلف مدى احترام هذا الحق من مجتمع إلى آخر، و ت أثير الحياة الخاصة للعامل في حياته المهنية ، و ما يدخل في دائرة الحياة الخاصة للعامل، التي يتعين احترامها، و عدم التعرض لها، و بين ما لا يعد داخلاً فيها ، هو موضوع خلاف، و سبب الاختلاف يكمن في اختلاف الظروف الثقافية، و الاجتماعية، و السلوكية التي تحكم كل مجتمع من المجتمعات. و قد نما مفهوم الحياة الخاصة و تطور كأثر للتغيرات الاجتماعية و الثقافية و السياسية التي مرت بها المجتمعات، و قد عرضنا في هذا البحث لتأثير الحياة الخاصة للعامل في حياته المهنية من خلال عرض مدى تأثر الحياة الخاصة بخصائص عقد العمل، و عرضنا كذلك للفصل بين الحياة المهنية و الحياة غير المهنية للعامل و أثره في حياته الخاصة. في مرحلة التفاوض على العقد و في أثناء سريان العقد.
يعد الحق في الخصوصية من الحقوق اللصيقة بالإنسان، و هو من أكثر الحقوق المثيرة للجدل بين فقهاء القانون منذ زمن بعيد، و كذلك حرمة الحياة الخاصة و قدسيتها التي صانتها الحضارات القديمة و الأديان السماوية و الدساتير و القوانين الوضعية في غالبية دول العالم . إن مفهوم الخصوصية من المفاهيم النسبية المرنة بمعنى تغير هذا المفهوم و تبدله بين مجتمعات و أخرى و بين الثقافات و الموروث الحضاري للدول، و كذلك بين زمان و آخر. و لعل ظهور الحواسيب و ثورة المعلومات و الإنترنت أعطى هذا الحق زخماً خاصاً، و لاسيما بعد انتشار بنوك المعلومات في ثمانينيات القرن المنصرم، و ما يسمى بهستيريا التواصل الاجتماعي عبر شبكة الإنترنت من خلال مواقع الدردشة و غرفها و الشبكات الاجتماعية، إِذ لا يتوانى الناس كباراً و صغاراً عن وضع كثير من معلوماتهم الشخصية و صورهم و مقاطع فيديو خاصة بهم أو بأسرهم على شبكة الإنترنت، و خاصة الشباب و المراهقين و هم الفئة الأكثر استخداماً للإنترنت، مما يؤَلِّفُ خطراً لا يستهان به على حرمة حياة الناس الخاصة من الانتهاك في مجال المعلوماتية. الأمر الذي أوجب تدخل المشرع في كثير من دول العالم لسن قوانين خاصة بجرائم الحاسوب و الإنترنت و منها المشرع السوري، و يعد صدور المرسوم التشريعي 17 بتاريخ الثامن من شباط عام 2012 المتعلق بتنظيم التواصل على شبكة الإنترنت و الجريمة المعلوماتية قد أتى بوقته استجابة حاجة ملحة لتقنين جرائم الحاسوب و الإنترنت، لذلك سنسلط الضوء على ما أتى به هذا القانون الذي أولى أهمية للحياة الخاصة في مجال المعلوماتية عندما عرف مفهوم الخصوصية في المادة الأولى منه، و أفرد المادة 23 لجريمة انتهاك الحياة الخاصة عبر شبكة الإنترنت أو أية منظومة معلوماتية، و سنحاول من خلال بحثنا هذا الإجابة عن العديد من التساؤلات عن جريمة انتهاك الحياة الخاصة في إطار المعلوماتية ،و كذلك تقديم بعض المقترحات و التوصيات المتعلقة بالمرسوم 17 التي نتمنى أن تلقى الاهتمام اللازم لتدارك أي نقص في القانون.
mircosoft-partner

هل ترغب بارسال اشعارات عن اخر التحديثات في شمرا-اكاديميا