حاولنا في هذا البحث الربط بين الواقع التاريخي و الثقافي و بين صورة الأجنبي
السائدة في النصوص الأدبية من خلال نموذج (فياض) لخيري الذهبي، و أن ننبه إلى
خطورة هذا المجال في تشكيل الرأي العام، لأنه حينما ندرك ما يقبله هذا الطرف، و ما
يرفضه نتمكن من إنشاء صور رائجة لديه.
ألف الدارسون نمطًا معينًا من الدراسات الترجمية التي تركز على مدى مطابقة
الترجمة للنص الأصلي، و ضاعت جهود كبيرة لم تكن دائمًا مفيدة. يحاول هذا البحث
التركيز على جانب آخر من الترجمة أعتقد أنه أكثر أهمية، و يتعلق بدراسة تلقي
الترجمات على مستويات متعد
دة، بعيدًا عن المطابقة الحرفية بين الترجمة و النص
الأصلي. إن دراسة تلقي الترجمات تسمح لنا برؤية الفعل الحقيقي لهذه النصوص في
المنظومة الثقافية التي تستقبلها. و قد يؤدي هذا الفعل إلى خلخلة مجموعة من الثوابت
الفنية، أو الفكرية، أو الاجتماعية. و نعتقد أن هذا الجانب له الأهمية الأولى في البحوث
التي تتناول دراسة الترجمة و علاقتها بالأدب المقارن. يسمح لنا الأدب المقارن بفهم
كثير من الآليات التي تتحكم بعملية الترجمة على مستوى الأفراد و الجماعات، بحسب
توجه الرأي العام. إن غياب مراكز البحوث في البلدان العربية و التي تتبع عملية
الترجمة و استقبالها يحرم مراكز القرار في هذه البلدان من التحكم بالرأي العام العربي
و العالمي. يحاول هذا البحث أن يلفت النظر إلى هذه المسألة الخطيرة.