استأنس سكان بلاد ما بين النهرين نبات الشعير ، منذ حوالي 9000 سنة ، واستخدموه في التغذية البشرية وعلفا لحيواناتهم . وتعد منطقة الشرق الأوسط مهد زراعة الشعير في العالم ، حيث ترجع زراعته إلى الألف السادس قبل الميلاد . بدءاً من النوع البري H. spontaneum الذي يعد أصل النوع المزروع H.vulgare ولقد وصلت مساحة الأراضي المزروعة بالشعير في العالم إلى قرابة الـ 70 مليون هكتار خلال عام 2000 ، وبلغت إنتاجيتها 173.6 مليون طن ، بمردود قدره 2.021 طن/هـ. وتبلغ المساحة المزروعة بالشعير في الوطن العربي قرابة 5.6 مليون هكتار ، بإنتاج يبلغ قرابة الـ 7.5 مليون طن ، وبمردود قدره 1.343 طن/هـ ( FAO, 2001 ).
ولقد ازدادت أهمية زراعة الشعير في سورية خلال الخمسين سنة الأخيرة نتيجة التوسع الكبير في الإنتاج الحيواني ، والاعتماد على الشعير باعتباره مصدراً علفيا أساسياً وتنتشر زراعة الشعير في سورية في المناطق البعلية التي تقل أمطارها عن 300 ملم/سنة ( مناطق الاستقرار الثانية ، والثالثة ، والرابعة ) وهي مناطق تتصف بمحدودية الماء المتاح من جهة ، وبسوء توزع الهطول المطري السنوي خلال الموسم الو احد من جهة أخرى .
يزرع الشعير بهدف استخدامه كعلف للحيوانات أو لصناعة البيرة . وتعتبر حبوب الشعير من الأعلاف المركزة المناسبة لتغذية الحيوانات والطيور ، أما قش الشعير وتبنه فيستعملان كعلف للحيوانات حيث أن القيمة الغذائية لتبن الشعير لا تختلف كثيراً عن القيمة الغذائية لتبن القمح أو الشيلم. ومن ناحية أخرى ، يعتبر الشعير من المحاصيل الصناعية الهامة التي تدخل في صناعة البيرة و في صناعة الكحول وغيرهما. كما وتستعمل حبوب الشعير في صناعة الخبز في بعض البلدان كالصين و اليابان .
تتعرض منطقة الشرق الأوسط خلال السنوات الأخيرة إلى موجات من الجفاف والتصحر أثرت بشكل واضح على توفر الأعلاف التقليدية (كالشعير) ، وأدى ذلك إلى تعرض الثروة الحيوانية في القطر إلى أزمات حادة أدت إلى انخفاض في أعدادها وإنتاجيتها. ويعتبر الشعير العلف الأساس في تغذية الحيوان وتشكل المساحة المزروعة منه بعلا 96% من مجمل المساحة المزروعة بهذا المحصول وتنتج هذه المساحة 91% من كامل إنتاج الشعير في القطر . أمام هذا الواقع لا بد من البحث عن مصادر علفية رديفة ووضع الآليات المناسبة من أجل الاستفادة القصوى من المصادر العلفية الموجودة في القطر. وتعتبر الأتبان من أهم مخلفات المحاصيل الزراعية في القطر وتحتوي على نسبة مرتفعة من الألياف الخام كما أنها فقيرة بالعناصر المعدنية والفيتامينات بالإضافة إلى أن الكمية التي تستطيع الحيوانات تناولها منها تكون محدودة. ولتفعيل الاستخدام الأمثل للمخلفات الزراعية وتطوير إنتاج الأعلاف في القطر ، يجب وضع استراجية لتأمين الاحتياجات من الأعلاف وذلك باعتبار الشعير والذرة من المحاصيل الزراعية الاستراجية وتشجيع ودعم زراعتهما.
وفي تجربة لأحد الباحثين وجد أن الملوحة أثرت سلباً على مؤشرات النمو والإنتاج للشعير. كما أن جمع وتركيز المغذيات بواسطة المجموع الخضري للشعير تأثر بنفس الطريقة بالإجهاد الملحي. وفي تجربة أخرى تبين أن مردود إنتاج الحب في الشعير يتناقص بزيادة ملوحة التربة ومياه الري.
كما لوحظ أن إنتاجية الشعير تنخفض بنسبة 10 ، 25 ، 50 % عندما تزداد ملوحة التربة من 10 ، 13 ، 18 ديسسمنز/م على التوالي. كذلك تنخفض إنتاجية الذرة البيضاء بنسبة 10 ، 25 ، 50% عندما تزداد ملوحة التربة من 5.1 ، 7.2 ، 11 ديسسمنز/م على التوالي
كما تتميز محاصيل الحبوب بأهميتها الكبيرة للإنسان حيث تشكل مصدراً أساسياً في توفير الغذاء للإنسان والعلف للحيوان في مختلف أنحاء العالم ، ويعتبر محصول الشعير من محاصيل الحبوب العلفية الهامة والذي له أهمية استراتيجية واسعة وخاصة بالنسبة للقطر العربي السوري في السنوات الأخيرة نتيجة شح الموارد المائية بما فيها الأمطار. وبشكل عام فقد تبين أن المحاصيل تختلف كثيراً في درجة تحملها للملوحة ، فإن صفة مقاومة الملوحة هي صفة معقدة ويتحكم بها عدد كبير من المورثات ، كما تتأثر بالعوامل البيئية المختلفة ، وإن العلامات الأكثر تمييزاً للضرر الناجم عن الملوحة هي نقص معدل النمو وانخفاض الإنتاجية.
ينمو المجموع الجذري للشعير إلى أعماق كبيرة ويستعمل رطوبة التربة بصورة جيدة ، حيث أن له قدرة على امتصاص الماء أكثر من القمح ، ويصل ارتفاع الساق إلى 120 سم وله 5–7 سلاميات سميكة ، الحبة متطاولة ومحاطة بالأغلفة التي تكون 7–12% من وزن الحبة . حساسية الشعير لدرجات الحرارة المرتفعة أقل من القمح ، ويمكن أن يتحمل درجات الحرارة العالية ( 40 ْم ) خلال فترة تكوين الحبوب . الشعير غير حساس للرطوبة الأرضية بالمقارنة مع القمح ، ويتصف بتحمله الجيد لجفاف الهواء الجوي . وتعتبر الترب الخفيفة والرملية والفقيرة غير ملائمة لزراعة الشعير ، ويعد الشعير من النباتات الحساسة لحموضة التربة حيث ينمو بصورة جيدة عندما يكون pH التربة مساوٍ لـ ( 6.5 – 7.5 ) . أما فيما يخص المتطلبات الغذائية لهذا النبات فيمكن القول أنها متقاربة مع المتطلبات الغذائية للقمح ، وتكون الحاجة إلى المواد الغذائية كبيرة خلال مرحلة الإنبات وحتى فترة التزهير حيث يمتص النبات حوالي 60% من حاجته الكلية من النتروجين و 70% من حاجته من الفوسفور .
ويعتبر الشعير من النباتات متوسطة التحمل للملوحة ، كما يعد من النباتات التي تنمو في المناطق نصف الجافة ، ويملك الشعير أعلى مقدرة على تحمل ملوحة التربة مقارنةً بمحاصيل الحبوب الأخرى فهناك العديد من الأنواع النباتية من جنس Hordeum يمكن أن توجد في بيئات ملحية ، لذلك كثيراً ما يستخدم الشعير في استصلاح الترب المالحة ، وتعتبر الأصناف الزراعية للشعير السداسية الصف أكثر مقدرةً على تحمل الملوحة من الأصناف ثنائية الصف .
ولقد أشارت دراسات إلى أنه يمكن للشعير أن ينمو بشكل جيد عند زراعته في أوساط محتوية على 10 ملمول/ل من NaCl ، لكن استخدام التركيزين 50 و 100 ميلمول/ل من NaCl كان له تأثير سلبي على النمو الجذري لصنفي الشعير عربي أبيض وباكستاني. و دراسات أخرى وجدت أن التراكيز المرتفعة من الأملاح الذائبة في وسط النمو توقف نمو الأجزاء الهوائية في الشعير. وتعتبر مرحلة البادرة من أكثر مراحل نمو هذا النبات حساسية لملوحة التربة.
كما أن تأثير أيون الصوديوم Na+ وأيون المغنزيوم Mg++ في نمو الشعير يظهر بصورة أشد من تأثير أيون الكالسيوم Ca++ . ولقد أشارت العديد من الدراسات إلى انخفاض نسبة الإنبات في الشعير بازدياد مستوى ملوحة وسط النمو ، ويمكن أن تؤدي التراكيز العالية من الأملاح الكلية الذائبة في وسط النمو إلى تسريع نمو النبات وتقصير فترة الإزهار .
ويعتقد العديد من الباحثين أن هناك تأثيراً ايجابياً للأملاح في وسط النمو عندما تكون بتراكيز منخفضة (5 – 15 ميلمول/ل) يتجلى بزيادة نمو النبات وزيادة في المحصول. ولقد تبين أن الري التكميلي للشعير مع استخدام خليط مياه جيدة مع مياه بحر مالحة في وقت التسنبل ( تشكل السنبلة ) يبدوا مبشرا ويمكن أن يؤدي لزيادة في محصول الشعير. كما تبين تأثيراً ايجابياً للتراكيز المنخفضة من ملح كلوريد الصوديوم في نمو المجموع الجذري لنباتات الشعير. وتتوافق هذه النتائج مع نتائج تجارب أجريت على نباتات القمح والشوفان ، ومع نتائج بيّنت أن كتلة النمو الخضري لنباتات الشعير عند تركيز 75 ميلمول/ل من NaCl كانت مساوية لـ 94.6% من كتلة نمو الشاهد ، انخفضت بشكلٍ كبير عند تركيز 150 ميلمول/ل من NaCl لتصل إلى 52% فقط من كتلة نمو الشاهد. ويعتبر أن الشعير من أكثر المحاصيل الحبية تحملاً للملوحة. ولقد اقترح استصلاح الترب المالحة عن طريق زراعة محصول واقي حولي متكيف مثل الشعير ، وقد تحتاج هذه العملية لعدة سنوات لتعزيز محتوى التربة من المادة العضوية ودعم مقاومة التربة للانجراف وذلك قبل البدء بزراعة النباتات الأخرى.
عموماً يعتبر الشعير من المحاصيل المتحملة للملوحة لكن وجدوا أن الملوحة تؤثر سلباً في تطور الشعير حيث تؤخر الإنبات ، وتقلل النسبة المئوية للإنبات ، وتخفض عدد السنابل. و أن أثر الملوحة على الإنبات يمكن أن يعالج بزيادة معدلات البذار. ومن ناحية أخرى ، إن الشعير يحد من انجراف التربة ويعمل كمثبت للتربة ، كما يساعد في غسل الأيونات للأسفل نتيجةً لتغلغل الجذور. كما أن زراعة أنواع نباتية متحملة للملوحة كالشعير تحسن خصائص الترب المالحة – القلوية بزيادة نفاذية هذه الترب الأمر الذي يساعد على سرعة غسل الأملاح وحركتها نحو الأسفل في قطاع التربة وهذا ما يندرج تحت ما يسمى بالإصلاح الحيوي Biological reclamation للترب المالحة- القلوية.