تحتوي الترب على أنواع مختلفة من الكربونات مثل كربونات الكالسيوم والمغنزيوم والصوديوم وغيرها. يختلف محتوى التربة من الكربونات الكلية باختلاف المناخ السائد والصخور الأم المكونة للتربة وعوامل عديدة أخرى. وقد لا تشكل الكربونات الكلية إلا نسباً صغيرة في بعض الترب كترب المناخات الرطبة، في حين قد تصل نسبتها في البعض الأخر إلى 50% أو أكثر من وزن التربة الجافة كما في ترب المناخات الجافة. وتحتل كربونات الكالسيوم المكان الأول بين أنواع الكربونات من حيث نسبة تواجدها في التربة. يعرف الكلس الفعال بأنه الجزء من كربونات الكالسيوم التي تماثل في أبعادها أبعاد حبيبات الطين (<0.002 ملم) والمتمتعة بسطوح نوعية كبيرة تكسبها نشاطا كيمائياً واضحاً . تعرف الترب الكلسية بأنها الترب التي تحتوي على كميات من كربونات الكالسيوم والتي تؤثر بشكل فعال على خصائص التربة المرتبطة بنمو النباتات سواء كانت هذه الخصائص فيزيائية كتأثيرها في العلاقات المائية بالتربة، أو كيميائية كتأثيرها في إتاحة العناصر المختلفة للنبات. ولا يمكن وضع حد معين لكربونات الكالسيوم في الترب حتى يتم اعتبارها كلسية وذلك بسبب الاختلاف في حجمها وبالتالي فعاليتها. ولكن إذا احتوت التربة على نسبة من كربونات الكالسيوم 8-10% أو أكثر تعتبر تربة كلسية، حيث لوحظ حدوث نقص كبير في جاهزية الفوسفور (P) عند محتوى التربة من الكربونات الكلية يقدر بـ 8% وبذلك تم اعتماد هذه النسبة كحد لتسمية الترب الكلسية .
تحتوي غالبية الترب في المناطق الجافة وشبه الجافة نسباً عالية من الكالسيوم لأنها تشكلت من الحجر الجيري (Limestone) والحجر الرملي (Sandstone) اللذين يتمتعان بالصلابة. وتؤثر كمية كربونات الكالسيومCaCO3 (الإجمالي والجزء الفعال منها) وتوزعها ضمن عمق قطاع التربة في خصائص التربة الفيزيائية والكيميائية، وتتواجد التربة الغنية بكربونات الكالسيوم بكثرة في مختلف مناطق الشرق الأوسط بسبب الظروف المناخية الحارة والجافة على مدار السنة ومعدل الأمطار السنوي المحدود (400 مم أو أقل ) الذي لا يكفي لإذابة الجير وغسيله من قطاع التربة، على الرغم من امتلاك هذه الترب الإمكانية الزراعية الثمينة، تبقى إنتاجية هذه الأراضي محدودة بسبب ضعف الخصوبة، والقدرة على الاحتفاظ بالماء، والعمق المحدود للتربة، ووجود طبقة صماء، وممارسات الري الخاطئة.
إن متوسط محتوى الترب الكلسية من كربونات الكالسيوم في منطقة البحر المتوسط يترواح ما بين 25% إلى 90%، وتؤثر كربونات الكالسيوم بشكل فعال في امتصاص النبات للعناصر المغذية وفي فعالية الري، وتشكل في بعض المناطق قشور كلسية. ويعتقد أن عوامل تكوَن الترب الكلسية في منطقة البحر المتوسط ترجع إلى طبيعة الصخور الكلسية أو الغنية بالكالسيوم السائد في هذه المنطقة، وطبيعة المناخ السائد الذي تتناوب فيه بشكل دائم فترات جفاف وفترات رطبة، ووجود فترات جفاف طويلة تعيق عمليات الغسيل إلى طبقات التربة العميقة.
تتميز الترب الكلسية بسعتها التنظيمية العالية (Soil Buffering Capacity)، أو ما يعرف بمقدرة التربة على درء التغيرات المفاجئة في pH التربة، وهذا يعود لـوجود الكربونات الحرة القادرة على معادلة الحموض في التربة، لذلك لوحظ أن pH التربة الكلسية يتغير بشكل طفيف وهو يبقى حوالي (8). وتؤدي الكربونات التي تتواجد بأبعاد دقيقة تصل لأبعاد حبيبات السلت الناعم وما دون ذلك دوراً مهماً في تكوين التجمعات الترابية وتماسكها، كما تتميز شوارد (Ca+2 ) و(Mg+2 ) بأهمية خاصة في تجميع حبيبات التربة الناعمة ويعتقد بأن حجم ونسبة كربونات الكالسيوم تؤثر بشكل مباشر وغير مباشر في تكوين التجمعات الترابية واستقرارها في التربة.
إنَ التغيرات التي تحدثها الكربونات الكلية في التربة تكسب الترب الكلسية خصائص مائية تختلف عن غيرها من الترب، فالسعة المائية يمكن أن تتأثر بحجم وتركيز الكربونات، ويمكن للأجزاء الناعمة جداً من الكربونات أن تغلف حبيبات الطين والسلت وبالتالي تخفف من التوتر السطحي ( تسبب زيادة في السطح النوعي وبالتالي تخفف من قوة شد جزيئات الماء في التربة)، كما أن زيادة نسبة كربونات الكالسيوم الموجودة في الطين (أكبر من 30%) يمكن أن تسبب تناقصاً في السعة المائية للتربة. وتتأثر حركة الماء في التربة بوجود الكربونات، وعند مقارنة حركة الماء في الترب الكلسية مع حركته في الترب غير الكلسية تبين أن انتشار الماء في الترب الكلسية كان أكبر بسبب تأثير كربونات الكالسيوم في تكوين تجمعات ترابية أكبر حجماً .