إذا كانت المفاهيم السياسية في الإسلام تتنافى مبدئيًا و كليًا مع مقدمات الفكرة الديمقراطية فيكف
يمكن إذن تفسير قبول قيم الديمقراطية و ممارستها من قبل قطاع لا يستهان به من المفكرين
الإسلاميين، هذا إذا علمنا أن أهم المفاهيم الأساسية التي طرحها الفكر ا
لغربي، تعدت كونها
مجرد أشكال نظامية إلى قيمة في ذاتها، هو مفهوم الأغلبية، و قد عولجت هذه القضية بغير
ردها لأصوله في "قواعد عملية الترجيح" و من ثم فإن البحث السياسي في الدراسات الإسلامية
يتراوح بين اعتبار الأغلبية فكرة إسلامية أصلية و بين جدلية منهجية حداثة مفهوم الشورى من
وجهة نظر الفكر السياسي الإسلامي و اعتماد هذا المفهوم بوصفه صيغة بديلة عن صيغة
الديمقراطية ذات المنشأ الغربي ضمن إطار المساواة بين غير المتساوين وصولا إلى فكرة
الأغلبية التي تنصرف إلى الكم و العدد كأساس لعملية الترجيح و يقابلها المفهوم الشوري الذي لا
يعتد بفكرة الأغلبية لإضفاء الشرعية إلا بعد توافر عناصر معينة مثل الحق و هي بذلك تجعل
السند الكيفي لا الكمي أساسًا لتعبر بذلك عن بعد جديد و فهم متميز لأسبقية الفكرة و خطورتها
و استقلاليتها عن الكم، كما أنها تومىء إلى أن القاعدة تملك صحتها في ذاتها إذ تعبر عن
(الحق) و تعبر عن الاستقلالية عن (أتباعها) مهما كثروا.