Do you want to publish a course? Click here

Filter

Last Question

استأنس سكان بلاد ما بين النهرين نبات الشعير ، منذ حوالي 9000 سنة ، واستخدموه في التغذية البشرية وعلفا لحيواناتهم . وتعد منطقة الشرق الأوسط مهد زراعة الشعير في العالم ، حيث ترجع زراعته إلى الألف السادس قبل الميلاد . بدءاً من النوع البري H. spontaneum الذي يعد أصل النوع المزروع  H.vulgare ولقد وصلت مساحة الأراضي المزروعة بالشعير في العالم إلى  قرابة الـ 70 مليون هكتار خلال عام 2000 ، وبلغت إنتاجيتها 173.6 مليون طن ، بمردود قدره 2.021  طن/هـ. وتبلغ المساحة المزروعة بالشعير في الوطن العربي قرابة 5.6 مليون هكتار ، بإنتاج يبلغ قرابة الـ 7.5 مليون طن ، وبمردود قدره 1.343 طن/هـ ( FAO, 2001 ).

ولقد ازدادت أهمية زراعة الشعير في سورية خلال الخمسين سنة الأخيرة نتيجة التوسع الكبير في الإنتاج الحيواني ، والاعتماد على الشعير باعتباره مصدراً علفيا أساسياً وتنتشر زراعة الشعير في سورية في المناطق البعلية التي تقل أمطارها عن 300  ملم/سنة ( مناطق الاستقرار الثانية ، والثالثة ، والرابعة ) وهي مناطق تتصف بمحدودية الماء المتاح من جهة ، وبسوء توزع الهطول المطري السنوي خلال الموسم الو احد من جهة أخرى .

يزرع الشعير بهدف استخدامه كعلف للحيوانات أو لصناعة البيرة . وتعتبر حبوب الشعير من الأعلاف المركزة المناسبة لتغذية الحيوانات والطيور ، أما قش الشعير وتبنه فيستعملان كعلف للحيوانات حيث أن القيمة الغذائية لتبن الشعير لا تختلف كثيراً عن القيمة الغذائية لتبن القمح أو الشيلم. ومن ناحية أخرى ، يعتبر الشعير من المحاصيل الصناعية الهامة التي تدخل في صناعة البيرة و في صناعة الكحول وغيرهما. كما وتستعمل حبوب الشعير في صناعة الخبز في بعض البلدان كالصين و اليابان .

تتعرض منطقة الشرق الأوسط خلال السنوات الأخيرة إلى موجات من الجفاف والتصحر أثرت بشكل واضح على توفر  الأعلاف التقليدية (كالشعير) ، وأدى ذلك إلى تعرض الثروة الحيوانية في القطر إلى أزمات حادة أدت إلى انخفاض في أعدادها وإنتاجيتها. ويعتبر الشعير العلف الأساس في تغذية الحيوان وتشكل المساحة المزروعة منه بعلا 96% من مجمل المساحة المزروعة بهذا المحصول وتنتج هذه المساحة 91% من كامل إنتاج الشعير في القطر . أمام هذا الواقع لا بد من البحث عن مصادر علفية رديفة ووضع الآليات المناسبة من أجل الاستفادة القصوى من المصادر العلفية الموجودة في القطر. وتعتبر الأتبان من أهم مخلفات المحاصيل الزراعية في القطر وتحتوي على نسبة مرتفعة من الألياف الخام كما أنها فقيرة بالعناصر المعدنية والفيتامينات بالإضافة إلى أن الكمية التي تستطيع الحيوانات تناولها منها تكون محدودة. ولتفعيل الاستخدام الأمثل للمخلفات الزراعية وتطوير إنتاج الأعلاف في  القطر ، يجب وضع استراجية لتأمين الاحتياجات من الأعلاف وذلك باعتبار الشعير والذرة من المحاصيل الزراعية الاستراجية وتشجيع ودعم زراعتهما.

وفي تجربة لأحد الباحثين وجد أن الملوحة أثرت سلباً على مؤشرات النمو والإنتاج للشعير. كما أن جمع وتركيز المغذيات بواسطة المجموع الخضري للشعير تأثر بنفس الطريقة بالإجهاد الملحي. وفي تجربة أخرى تبين  أن مردود إنتاج الحب في الشعير يتناقص بزيادة ملوحة التربة ومياه الري.

كما لوحظ أن إنتاجية الشعير تنخفض بنسبة 10 ، 25 ، 50 % عندما تزداد ملوحة التربة من    10 ، 13 ، 18 ديسسمنز/م على التوالي. كذلك تنخفض إنتاجية الذرة البيضاء بنسبة 10 ، 25 ، 50% عندما تزداد ملوحة التربة من 5.1 ، 7.2 ، 11 ديسسمنز/م على التوالي  

كما تتميز محاصيل الحبوب بأهميتها الكبيرة للإنسان حيث تشكل مصدراً أساسياً في توفير الغذاء للإنسان والعلف للحيوان في مختلف أنحاء العالم ، ويعتبر محصول الشعير من محاصيل الحبوب العلفية الهامة والذي له أهمية استراتيجية واسعة وخاصة بالنسبة للقطر العربي السوري في السنوات الأخيرة نتيجة شح الموارد المائية بما فيها الأمطار. وبشكل عام فقد تبين أن المحاصيل تختلف كثيراً في درجة تحملها للملوحة ، فإن صفة مقاومة الملوحة هي صفة معقدة ويتحكم بها عدد كبير من المورثات ، كما تتأثر بالعوامل البيئية المختلفة ، وإن العلامات الأكثر تمييزاً للضرر الناجم عن الملوحة هي نقص معدل النمو وانخفاض الإنتاجية.

ينمو المجموع الجذري للشعير إلى أعماق كبيرة ويستعمل رطوبة التربة بصورة جيدة ، حيث أن له قدرة على امتصاص الماء أكثر من القمح ، ويصل ارتفاع الساق إلى 120 سم وله 5–7 سلاميات سميكة ، الحبة متطاولة ومحاطة بالأغلفة التي تكون 7–12% من وزن الحبة . حساسية الشعير لدرجات الحرارة المرتفعة أقل من القمح ، ويمكن أن  يتحمل درجات الحرارة العالية ( 40 ْم ) خلال فترة تكوين الحبوب . الشعير غير حساس للرطوبة الأرضية بالمقارنة مع القمح ، ويتصف بتحمله الجيد لجفاف الهواء الجوي . وتعتبر الترب الخفيفة والرملية والفقيرة غير ملائمة لزراعة الشعير ، ويعد الشعير من النباتات الحساسة لحموضة التربة حيث ينمو بصورة جيدة عندما يكون  pH التربة مساوٍ لـ ( 6.5 – 7.5 ) . أما فيما يخص المتطلبات الغذائية لهذا النبات فيمكن القول أنها متقاربة مع المتطلبات الغذائية للقمح ، وتكون الحاجة إلى المواد الغذائية كبيرة خلال مرحلة الإنبات وحتى فترة التزهير حيث يمتص النبات حوالي 60% من  حاجته الكلية من النتروجين و 70% من حاجته من الفوسفور .

ويعتبر الشعير من النباتات متوسطة التحمل للملوحة ، كما يعد من النباتات التي تنمو في المناطق نصف الجافة ، ويملك الشعير أعلى مقدرة على تحمل ملوحة التربة مقارنةً بمحاصيل الحبوب الأخرى فهناك العديد من الأنواع النباتية من جنس  Hordeum  يمكن أن توجد في بيئات ملحية ، لذلك كثيراً ما يستخدم الشعير في استصلاح الترب المالحة ، وتعتبر الأصناف الزراعية للشعير السداسية الصف أكثر مقدرةً على تحمل الملوحة من الأصناف ثنائية الصف .

ولقد أشارت دراسات إلى أنه يمكن للشعير أن ينمو بشكل جيد عند زراعته   في أوساط محتوية على 10 ملمول/ل من NaCl ، لكن استخدام التركيزين 50 و 100 ميلمول/ل من NaCl  كان له تأثير سلبي على النمو الجذري لصنفي الشعير عربي أبيض وباكستاني.  و دراسات أخرى وجدت أن التراكيز المرتفعة من الأملاح الذائبة في وسط النمو توقف نمو الأجزاء الهوائية في الشعير. وتعتبر مرحلة البادرة من أكثر مراحل نمو هذا النبات حساسية لملوحة التربة.

كما أن تأثير أيون الصوديوم Na+ وأيون المغنزيوم Mg++ في نمو الشعير يظهر بصورة أشد من تأثير أيون الكالسيوم Ca++ . ولقد أشارت العديد من الدراسات إلى انخفاض نسبة الإنبات في الشعير بازدياد مستوى ملوحة وسط  النمو ، ويمكن أن تؤدي التراكيز العالية من الأملاح الكلية الذائبة في وسط النمو إلى تسريع نمو النبات وتقصير فترة الإزهار .

ويعتقد العديد من الباحثين أن هناك تأثيراً ايجابياً للأملاح في وسط النمو عندما تكون بتراكيز منخفضة (5 – 15 ميلمول/ل) يتجلى بزيادة نمو النبات وزيادة في المحصول. ولقد تبين أن الري التكميلي للشعير مع استخدام خليط مياه جيدة مع مياه بحر مالحة في وقت التسنبل ( تشكل السنبلة ) يبدوا مبشرا ويمكن أن يؤدي لزيادة في محصول الشعير. كما تبين تأثيراً ايجابياً للتراكيز المنخفضة من ملح كلوريد الصوديوم في نمو المجموع الجذري لنباتات الشعير. وتتوافق هذه النتائج  مع نتائج تجارب أجريت على نباتات القمح والشوفان ، ومع نتائج  بيّنت أن كتلة النمو الخضري لنباتات الشعير عند تركيز 75 ميلمول/ل من NaCl        كانت مساوية لـ 94.6% من كتلة نمو الشاهد ، انخفضت بشكلٍ كبير عند تركيز 150 ميلمول/ل من NaCl لتصل إلى 52% فقط من كتلة نمو الشاهد. ويعتبر أن الشعير من أكثر المحاصيل الحبية تحملاً للملوحة. ولقد اقترح             استصلاح الترب المالحة عن طريق زراعة محصول واقي حولي متكيف مثل الشعير ، وقد تحتاج هذه العملية لعدة سنوات لتعزيز محتوى التربة من المادة العضوية ودعم مقاومة التربة للانجراف وذلك قبل البدء بزراعة النباتات الأخرى.

عموماً يعتبر الشعير من المحاصيل المتحملة للملوحة لكن    وجدوا أن الملوحة تؤثر سلباً في تطور الشعير حيث تؤخر الإنبات ، وتقلل النسبة المئوية للإنبات ، وتخفض عدد السنابل.    و أن أثر الملوحة على الإنبات يمكن أن يعالج بزيادة معدلات البذار. ومن ناحية أخرى ، إن الشعير يحد من انجراف التربة ويعمل كمثبت للتربة ، كما يساعد في غسل الأيونات للأسفل نتيجةً لتغلغل الجذور. كما أن زراعة أنواع نباتية متحملة للملوحة كالشعير تحسن خصائص الترب المالحة – القلوية بزيادة نفاذية هذه الترب الأمر الذي يساعد على سرعة غسل الأملاح وحركتها نحو الأسفل في قطاع التربة وهذا ما يندرج تحت ما يسمى بالإصلاح الحيوي Biological reclamation   للترب المالحة- القلوية. 

   

...

في تجربة لأحد الباحثين درس من خلالها تأثير ازدياد معدلات الصوديوم في التربة على إنتاج الذرة البيضاء وطول وحجم الجذور للنبات . وجد أن كتلة الجذر نقصت مع زيادة تركيز الصوديوم وانخفاض النفاذية الحلولية بينما ازداد طول الجذر ، كما أن أي زيادة في تراكم للصوديوم يقابله انخفاض تركيز الكالسيوم في أنسجة الذرة البيضاء خاصة الأوراق العليا. كما لاحظ وجود علاقة ارتباط قوية بين معامل إطالة الجذر وتركيز الصوديوم في النبات. حيث أن إستطالة الجذر لنبات الذرة البيضاء في ظروف ملحية صودية تتأثر كثيراً بدرجة تشبع أنسجة الجذر بالصوديوم .

وأشار العديد من الباحثين إلى أن الإجهاد الملحي يخفض بشكل واضح المجموع الورقي و الجذري وكذلك المادة الجافة لنباتات الذرة ، ولوحظ زيادة في درجة انخفاض إنتاج المادة الجافة مع زيادة مستويات الملوحة . كما في دراسة أخرى على الملوحة وجد انخفاض في كافة مؤشرات النمو للنبات وزيادة في تركيز الصوديوم والكلور ، كما أثر الإجهاد الملحي في امتصاص النباتات للماء بسبب تغير العلاقات المائية والتوازن الالكتروليتيelectrolyte balance  في أنسجة النبات لذلك تحتاج النباتات المرهقة لماء أكثر حيث أن كفاءة استعمال الماء لهذه النباتات تنخفض مع زيادة الملوحة ، أي أن النباتات تحت الإجهاد الملحي تتطلب ماء أكثر وري أكثر تردداً مقارنة مع الظروف غير الملحية .

وفي دراسة حول تأثير الملوحة على أصناف من الذرة البيضاء تتفاوت في تحملها للملوحة وجد  أن الملوحة خفضت من الجهد الحلولي في الفتحات الخلوية للأوراق والجذور في كل أصناف الذرة البيضاء المدروسة خاصة الحساسة للملوحة . ويرجع ذلك في الغالب لتراكم الصوديوم والكلور والذي تجاوز الكمية التي يحتاجها لتعديل الحلولية . كانت المواد الذائبة العضوية كالكربوهيدرات والأحماض الأمينية متواجدة أكثر في الأوراق والجذور وفي الأصناف المتحملة للملوحة أكثر من الأصناف الحساسة للملوحة. تشير نتائجهم على أن الأصناف المتحملة للملوحة كانت قادرة على إبقاء الضغط الحلولي في الأوراق والجذور تحت الإجهاد الملحي أكثر من الأصناف حساسة للملوحة.

في تجربة  أخرى تبين تأثير التسميد ببقايا نباتية من الذرة البيضاء المزروعة بترب ملحية وغير ملحية . أدت إضافة السماد العضوي إلى زيادة في إنتاجية المادة الجافة للمحصول وامتصاص النتروجين N مقارنة بالشاهد غير المسمد. بسبب إضافة النتروجين بطريقة متاحة للنبات ، بالإضافة لتأثير السماد العضوي على تحسين امتصاص النتروجين من التربة.

ينمو محصول الذرة البيضاء في الأراضي الملحية بشكل أفضل مقارنة مع بقية المحاصيل ، فهو من المحاصيل متوسطة التحمل للملوحة (10–6) ديسسمنز/م ، حيث تؤثر الملوحة الزائدة سلباً في طول النبات وعدد الأوراق والمساحة الورقية وقد تبين أن الضغط الحلولي هو الذي يكون فعالاً في البداية كنتيجة للملوحة بينما السمية الأيونية تأتي أهميتها في التأثير على نمو النبات بعد أمد طويل.

كما تبين أن المستويات الملحية المتدنية لا تؤثر سلباً على نمو نباتات الذرة البيضاء وتطورها بل على العكس من ذلك . حيث بين أن هناك تأثيراً ايجابياً للمستويات القليلة من ملح (NaCl) على محصول الذرة البيضاء، ويعود هذا التأثير إلى زيادة نشاط تمثيل البروتينات.

وقد أوضح أحد الباحثين أن أول ردود فعل نباتات الذرة البيضاء للإجهاد الملحي تتمثل بتراجع معدل نمو الأوراق وهذا ما أكده آخرون حيث يقل حجم المسطح الأخضر الفعال في عملية التمثيل الضوئي، وتقل نتيجة لذلك كمية المادة الجافة المصنعة مما ينعكس سلباً على الغلة الاقتصادية النهائية.

وفي دراسة أخرى تمت فيها زراعة بذور محصول الذرة البيضاء في تربة مالحة ، وجد انخفاض في المادة الجافة وإنتاج الحبوب مع زيادة الملوحة في التربة، ولوحظ ازدياد الانخفاض في المادة الجافة والإنتاج للذرة البيضاء مع زيادة تركيز الأملاح في التربة عند العمق (50 - 10) سم .

 

 

...

تحتل الثروة الحيوانية موقعاً هاماً في القطاع الزراعي السوري من حيث قيمة إنتاجها التي تراوحت بين 28-34 % من إجمالي قيمة الإنتاج الزراعي خلال العقد الأخير. ولما كان توفير المواد العلفية اللازمة لتغذية الثروة الحيوانية وتطويرها وإحداث التوازن البيئي بين الغطاء النباتي والحمولة الرعوية أحد المحاور الهامة في التنمية الزراعية المستدامة ، فقد لزم حصر الموارد العلفية وتحديد قيمتها الغذائية وتقديم الاقتراحات اللازمة لصيانة تلك الموارد وتطويرها  لتنمية الثروة الحيوانية وتطوير إنتاجها كما قدرت الاحتياجات العلفية الكلية اللازمة لإنتاج الثروة الحيوانية بنحو 11.3 مليون طن مادة جافة . وأوضحت التقديرات المحلية أن مجموع الموارد العلفية المحلية المستثمرة بلغ 8.795 مليون طن مادة جافة. وتبين أن مخلفات المحاصيل الزراعية تشكل المصدر الرئيسي الأكبر من تلك الموارد العلفية المستخدمة ، إذ تساهم بنحو 72 % من مجموع المادة الجافة وبأكثر من 55% من الطاقة الاستقلابية الكلية وبنحو 36% من البروتين المهضوم مما يدل على أهميتها وضرورة الاهتمام بها واستخدام التقانات المناسبة لرفع قيمتها الغذائية. كما يجب التنويه إلى أن المخلفات بأشكالها المتعددة لا تستثمر بشكلها الكامل والأمثل.  ووجد أن هناك ضياع يقدر بنحو 3.5 مليون طن من المادة الجافة على الأقل غير مستغلة . ونظراً لأن الموارد العلفية المحلية رغم تعددها وتنوعها لا تكفي لتغطية احتياجات الثروة الحيوانية فتلجأ السلطات المعنية في سورية إلى الاستيراد ( نحو 2.451 مليون طن مادة جافة ). وقد استنتج أن الموارد العلفية في سوريا غير كافية لتغطية الاحتياجات الغذائية للحيوانات الزراعية نظراً لتدهور هذه الموارد ، وانخفاض طاقتها الإنتاجية ، وضياع جزء كبير منها .

لم يواكب إنتاج الأعلاف بمختلف أنواعها وأشكالها تطور الأعداد الحيوانية ، مما يؤدي إلى اختناقات إنتاجية تعكس على إنتاجية الوحدة الحيوانية وعلى أسعار المواد العلفية والمنتجات الحيوانية. ويعزى نقص الإنتاج الحيواني إلى انخفاض مستوى التغذية وتذبذب توفر المواد العلفية في الوقت الإنتاجي المناسب. وتبين أن الموازنة العلفية في سورية تعاني في المرحلة الراهنة عجزاً في المادة الجافة والطاقة والبروتين. توفر المخلفات الزراعية والمخلفات الصناعية (42.6%) أكبر نسبة من الاحتياجات الغذائية للحيوانات في المرحلة الراهنة ، تليها الحبوب (41.1%) ، ولا تشكل نسبة المحاصيل العلفية المزروعة أكثر من 2.6% في الموازنة العلفية ( ورده ، 2008 ).

تؤثر الملوحة الزائدة للتربة في إنتاجية العديد من المحاصيل ، حيث مجال خسارة الإنتاج من المحصول يتراوح بين خسارة طفيفة وخسارة كامل المحصول ، ويعتمد ذلك على نوع المحصول ودرجة حساسيته لمشكلة الملوحة يسيطر في أغلب الترب المتملحة الصوديوم Na+  والكلور Cl- هما الأيونين المسيطرين وعادة يتجاوزان حاجة النبات . إن زيادة الأملاح في منطقة الجذور تسبب الجهد الأسموزي osmotic stress الذي ينتج عنه اضطراب علاقة ماء- نبات ، الذي يؤثر على الامتصاص والإفادة من المواد المغذية (المغذيات) الضرورية للنبات ، وأيضاً في تراكم الأيون السام. كنتيجة لهذه التغيرات فان نشاط الأنزيمات المختلفة وأيض النبات يتأثر كما أن بعض النباتات قادرة على تحمل الإجهاد الملحي والجفاف بتخفيض الجهد الحلولي الخلوي cellular osmotic potential كنتيجة لزيادة كلية في تراكم المادة المذابة في عملية تسمى التعديل الحلولي osmotic adjustment  حيث يعتبر التعديل الحلولي آلية التأقلم الرئيسية للنبات تحت الإجهاد الملحي والمائي .

ويرى أحد الباحثين أن ملوحة التربة تؤثر بشكل كبير في سير العمليات الفيزيولوجية في أجزاء النبات ، كما تؤثر في التركيب التشريحي والمورفولوجي لأنسجة النبات. وفي تجربة  تبين إعاقت الملوحة نمو الأوراق والجذور        في المحاصيل المزروعة كما انخفضت معدلات النمو لأجزاء النباتات المجهدة . وتشير الدراسات إلى أن الأنواع النباتية تختلف عن بعضها البعض في تحملها أو حساسيتها للملوحة ، ويختلف    تأثير الملوحة على النباتات ضمن النوع الواحد باختلاف الأصناف ، وحتى ضمن الصنف     الواحد باختلاف مراحل النمو والظروف البيئية ويكون تأثير ملوحة التربة أكثر وضوحاً في المرحلة الأخيرة لنمو محاصيل الحبوب ( مرحلة امتلاء الحبوب ) حيث يحدث النضج القسري للحبوب نتيجة الإجهاد الملحي ويؤدي ذلك عادةً إلى انخفاض وزن الحبة. ويحدث الضرر الملحي عندما تكون التربة ذات ملوحة مرتفعة ، وعندما يكون ماء الري رديء النوعية بسبب ارتفاع نسبة الأملاح فيه ، ففي مثل هذه الحالة تتعرض الحبوب لنوعين من الضرر: الأول حدوث نوع من التسمم المباشر لعدد من الحبوب ، والثاني هو رفع تركيز محلول التربة بحيث يصعب على الحبوب امتصاص الماء لتأمين الرطوبة اللازمة لبدء نشاط الجنين وبالتالي لحدوث الإنبات (يحدث جفاف فسيولوجي). أي أن الرطوبة موجودة ولكن غير متاحة للبذور ، أو أن تنتش الحبوب وينبت جزء منها ضعيفا والجزء الآخر ينتش ولا يتمكن من الإنبات .

بيّنت نتائج تجارب الإنبات على القمح والشعير والذرة الصفراء في ترب ذات ملوحة مختلفة. حيث اختبرت سرعة الإنبات بعد (3 – 4) أيام و قوة الإنبات بعد ثمانية  أيام ، فتبين أن الشعير استمر في الإنبات بنسب 100% في تربة ذات ملوحة قدرها 1.6% وكذلك الذرة الصفراء أما القمح فقد كان إنباته معاقاً بصورة كبيرة في هذه التربة. ووجد في تجارب إنبات على أصناف مختلفة من الذرة  والشعير ، أن نسبة الإنبات تنخفض عموماً مع ارتفاع محتوى التربة من الأملاح الكلية الذائبة مع ملاحظة وجود بعض الاختلافات بين الأصناف المستخدمة.

 يؤدي الإجهاد الملحي إلى الانخفاض في الوزن الرطب والوزن الجاف لمختلف أجزاء النبات ، ويؤدي بالتالي إلى انخفاض نمو النبات وبالإضافة إلى   ما سبق تعمل ملوحة التربة على تأخير الإنبات وتقليل عدد النباتات.   ولقد وجد أن ارتفاع محتوى التربة من الأملاح الكلية الذائبة ترافق   مع تضاؤل في المساحة الورقية وانخفاض في إنتاج المادة الجافة للأوراق والسوق والجذور    على حدٍ سواء.

كما تشير نتائج العديد من الدراسات والأبحاث إلى أن نمو المجموع الجذري أقل تأثرا بالإجهاد الملحي من نمو المجموع الخضري ، إذ تزداد نسبة الجذور إلى الأجزاء الهوائية في النبات في مثل هذه الظروف في حين تبين  أن الإجهاد الملحي يثبط من نمو وتطور الأوراق والاشطاءات ، لكنه يحث على النضج.

كما وجد أن معدل الاشطاء في الشعير ينخفض بشدة تحت ظروف الإجهاد الملحي ، ويمكن للاشطاءات النامية أن تموت دون أن تستطيع النمو وحمل السنابل تحت ظروف الإجهاد الملحي الشديد ، وقد لا ينمو إلا الساق الرئيسية وتصل إلى مرحلة إنتاج الحبوب. بينما وجد في دراسات أخرى أن زيادة مستويات الملوحة خفّضت من العدد الكلي للاشطاءات في النبات ، كما خفّضت بشكل معنوي جداً من عدد الاشطاءات المنتجة بالمقارنة مع الاشطاءات الكلية المتشكلة .

...

إن الخطوة الأولى في استصلاح أي تربة متأثرة بالملوحة تكمن في التعرف على الخصائص الأساسية لهذه التربة ، وتحديد نوع الملوحة فيها و درجة نفاذيتها .كما أن إزالة الأملاح الذائبة والمتراكمة من الترب ذات أثر جيد في عودتها إلى الحالة الطبيعية عند توفر الطرفين التاليين:

  • توفر مركبات الكالسيوم والمغنزيوم الذائبة في محلول التربة .
  • عدم وجود مصادر لأملاح الصوديوم بكميات كبيرة .

في بعض الحالات يتطلب الأمر وجود مصارف سواء كانت سطحية أم مغطاة لإنجاح عملية  الاستصلاح . ويصبح الاستصلاح صعباً في حال كون التربة ضعيفة النفاذية ، وعند عدم توفر الماء ذو النوعية الجيدة. وبالإضافة إلى اختبار التربة والتعرف على خصائصها ، فان نمو النباتات في الموقع المدروس يمكن أن يستخدم كمؤشر يساعد في التعرف على مشكلة الملوحة وشدتها . من الممكن استصلاح الترب الملحية – القلوية عن طريق استبدال الصوديوم المتبادل بالكالسيوم ، وذلك بتزويد هذه الترب بمصدر للكالسيوم كالجبس أو الكبريت إما بخلطه مع الطبقة السطحية للتربة أو إضافته مع ماء الري مما يساعد على إذابة كربونات الكالسيوم الموجودة أصلاً في التربة   .  كما أن التقليد المعروف في العديد من حالات استصلاح الترب المتأثرة بالملوحة والقلوية هو أن يضاف كمية كافية من مصلح مناسب كالجبس ليزيح الصوديوم المتبادل من الطبقة السطحية للتربة بسماكة 6 إلى 12 انش ، حيث تتحسن الحالة الفيزيائية للتربة في مدة قصيرة مما يتيح الفرصة  للمحاصيل بالنمو ، ويساعد الري المستمر للتربة بمياه جيدة النوعية على إزالة أكبر للصوديوم خاصة من الطبقات السفلى. وفي بعض الحالات يجب استصلاح التربة لأعماق أكبر للحصول على صرف كافي وتحسين تغلغل الجذور في التربة .

كما يعتقد  أنه يمكن تخفيف الضرر الملحي عن طريق استصلاح الترب المالحة بالغسيل وإضافة بعض المصلحات مثل: كلوريد الكالسيوم و الجبس الناعم ، الكبريت العنصري (زهر الكبريت) وحمض الكبريت.

عُرف الجبس منذ فترة طويلة لمنافعه في الترب ذات المحتوى العالي من الصوديوم. والتركيب الكيميائي للجبس عبارة عن سلفات الكالسيوم المائية ( CaSO4.2H2O ) ، ويتكون في الطبيعة كصخور بلورية ناعمة متفاوتة في درجة نقاوتها ولما كانت الترب الصودية تحتوي في كثير من الأحوال على مقادير من كربونات الصوديوم. فان إضافة الجبس تؤدي إلى تكوين كربونات الكالسيوم نتيجة التفاعل بين شوارد الجبس و شوارد الكربونات الذائبة:

            Na2CO3  +  CaSO4                        CaCO3  +  Na2SO4

ويعمل ترسيب كربونات الكالسيوم على استمرار التفاعل حتى انتهاء كربونات الصوديوم وثم التخلص من كبريتات الصوديوم بالغسيل والصرف ويعتقد أن الجبس يستطيع أن يمد الأرض الصودية بمقدار مناسب من أيونات الكالسيوم:

                            Ca       Na                                                        

        Na          +  CaSO4                                                 +  Na2SO4 

 

 وتعمل كبريتات الصوديوم المتشكلة على إعاقة سير التفاعل ، لذا لابد من التخلص منها بعمليات الغسل والصرف الفعال ، لكي يستمر التفاعل باتجاه اليمين . ويظهر الجبس قدرةً على إزاحة الصوديوم المتبادل من مواقع التبادل الكاتيوني في التربة ذات المحتوى المرتفع من الصوديوم المتبادل ، كما يعمل على إمداد التربة بالكالسيوم في الترب ذات السعة التبادلية المنخفضة ، ويحسن رشح التربة ويمنع الجبس تفرق حبيبات الطين وانخفاض معدل رشح الماء في التربة .

إن استعمال الجبس شائع في بعض المناطق من العالم حيث مشكلة الترب الملحية – القلوية ففي باكستان مثلاً يعد الجبس من أكثر مصلحات الترب استخداماً نظراً لرخص ثمنه ووفرته حيث توجد ترسبات كبيرة منه تقدر بـ 3.5  بليون طن . ولقد ارتفعت كمية الجبس المستخدمة من 600 طن في عام 1973 استعملت في استصلاح مساحة قدرها 450 هكتار، إلى 218000 طن في عام 1980 وحيث بلغت المساحة المستصلحة 74000 هكتار.

إن وجود الجبس بكميات معقولة في التربة ، يمكن أن يكون له آثار ايجابية ، حيث يمنع حدوث بعض العمليات غير المرغوب بها مثل القلونة وغيرها ، لكن وجوده بكميات كبيرة في التربة يعيق – وإلى حد كبير– استثمار الترب ، سواء للزراعة أو للأعمال الهندسية . ويستعمل الجبس على نطاق واسع في استصلاح الترب القلوية للتغلب على مشاكل الرشح ، حيث يحسن هذا التطبيق من الشروط الفيزيائية للتربة ويزيد تحبب التربة ويحسن من مساميتها ويمكن إجمال التأثيرات الايجابية للجبس في التربة بالآتي : خفض درجة تفاعل ( pH ) التربة ، زيادة المسامية ، تزويد التربة بكل من الكالسيوم والكبريت  .

يعد الجبس ( CaSO4.2H2O ) من أرخص مصادر الكالسيوم القابل للذوبان لاستصلاح الترب القلوية والملحية– القلوية. فلقد لاحظ الباحثون أن إضافة الجبس (3.75 طن/دونم) إلى تربة ملحية – قلوية في Kansas أدت إلى زيادة في إنتاج القمح بمعدل    10 ( بوشلات* ) لكل 4 دونم على مدار خمس سنوات في منطقة يبلغ معدل الهطل المطري السنوي فيها 28 انش. كما ذكر  أن إضافة الكالسيوم على شكل صخرة جبسية مطحونة لتربة ذات محتوى زائد من الصوديوم يساعد في استعادة التربة لبنائها وفي غسل الأملاح نحو الأسفل.

ولقد تم دراسة تأثير الجبس على حجم التجمعات الترابية وشكلها الهندسي في ثلاث ترب صودية تحت الاستصلاح . بينت النتائج بأن إضافة الجبس أدى إلى خفض        قيم الـESP   وقيم الـ ECe ( إلى ما دون ( 2 dS/m ، وكان هناك علاقة خطية بين  ECe وESP . كذلك لوحظ انخفاض في محتوى التربة من المادة العضوية ، وتغير في شكل المسامات ، وزيادة طفيفة في عدد التجمعات الترابية.

ولكي تظهر فعالية مصلحات التربة مثل الجبس وحمض الكبريت في الترب المالحة - الصودية يجب أن يغسل الصوديوم المتبادل المزاح من منطقة جذور النبات ،  وهذا الأمر لا يمكن تحقيقه دوما عند ندرة توفر المياه ذات النوعية الجيدة وفي حال كون الصرف سيئا ً.

وفي كافة الأحوال فإن استخدام الجبس يخفض من تشكل القشرة السطحية ويحسن رطوبة التربة ولقد تم دراسة تأثير الإضافة السطحية للجبس على رشح وانجراف التربة تحت تأثير عواصف مطرية صنعية ، فوجد أن الجبس المنتشر في سطح التربة خفض من انجراف التربة وزاد الرشح كما ضاعف من معدل الرشح النهائي مقارنة مع الشاهد. وتتفق هذه النتائج مع ما وجد بأن استعمال الجبس تحت ظروف الهطول المطري ترافق مع زيادة ملحوظة في الرشح ، وانخفاض واضح في الجريان السطحي

*  بوشل : مكيال للحبوب والفواكه ويساوي 8 جالونات

 والانجراف  لثلاث ترب مختلفة في جنوب شرق الولايات المتحدة الأمريكية.

ولقد درس في تجارب طويلة الأمد تأثير إضافة الجبس في إنتاجية المحاصيل ( الذرة الصفراء والبرسيم ) ، وفي الصفات الكيميائية للطبقة تحت السطحية للتربة.  ووجد أنه حتى بعد 16 سنة من الإضافة فان تأثيرات الجبس كانت واضحة جدا ، حيث كان المحتوى من الكالسيوم المتبادل والكبريتات في التربة المعاملة بالجبس أعلى من تربة الشاهد ، بينما لم يحصل تغير ملحوظ فيpH  التربة. ولقد انعكست التغيرات السابقة على نمو النباتات حيث ازداد تعمق جذورها ، وازداد إنتاجيتها مقارنةً بالشاهد بحوالي (29-50%) بالنسبة للذرة الصفراء و(50%) بالنسبة للبرسيم.

وفي تجربة في باكستان هدفت إلى استعمال الجبس كإجراء وقائي للحد من خطر القلوية في حال استعمال مياه البئر للري ، استنتج بأن الري بمياه البئر يمكن أن يستعمل بنجاح لنمو المحاصيل الزراعية دون أي خوف من تأثير سلبي للقلوية على الترب في حال إضافة الجبس للتربة. كما بينت نتائج هذه الدراسة أن إضافة الجبس لترب ملحية صودية زاد معدل الرشح فيها واستمر تأثير الجبس في التربة لمدة حوالي ثلاث سنوات.

و تبين أن الجبس يغير بناء الترب الطينية الثـقيلة وخصوبتها ، خصوصا تلك التي تعرضت لتعرية شديدة أو خضعت لإنتاج محصولي مكثف ، كما يخفض قلوية التربة وملوحتها بإزاحة الصوديوم من التربة واستبداله بالكالسيوم ، لذلك فهو يحسن البناء ويرفع مستوى الخصوبة بالإضافة إلا أنه يخفض مستوى الملوحة في الترب الغنية بالصوديوم. ولقد أشارت العديد من الدراسات أن هناك طرائق عملية لتحسين pH الطبقة تحت السطحية للتربة من خلال إضافة بعض المصلحات كالجبس. كما تبين أنه يمكن استعمال الجبس متى كان الصرف سيئاً في التربة بسبب احتوائها على كميات عالية من الصوديوم المتبادل كالترب المالحة- القلوية ، حيث يستبدل الكالسيوم في الجبس بصوديوم التربة مما يسمح للصوديوم بالانغسال عميقاً .

وذكر أن إضافة الجبس للتربة يحسن نوعية وإنتاجية المحصول ، والخواص الفيزيائية للتربة وتعدل الميزان الغذائي فيها. وعند ذوبان الجبس فان الكالسيوم والكبريت سوف يتحركان خلال قطاع التربة ليزداد محتوى التربة من الكالسيوم الذائب والمتبادل ، وبالتالي فان معاملة الترب المتأثرة بالملوحة والقلوية بالجبس كمصدر للكالسيوم يخفض من تفرق حبيبات التربة ويحسن من التحبب ، وفي حال كون التربة ذات محتوى عالي نسبيا من الصوديوم في طبقة الحراثة فان إضافة الجبس تكون مفيدة في تحسين الحالة الفيزيائية للتربة.

ولقد تبين أن الهدف من إضافة المصلحات هو إمداد التربة بكالسيوم ذائب يستبدل مع الصوديوم المتبادل المدمص على السطوح الطينية . ويعتبر  أن أكثر المواد الكيميائية شيوعا والتي تضاف للترب المتأثرة بالملوحة والقلوية لزيادة نسبة الكالسيوم إلى الصوديوم هي الكبريت العنصري والجبس وحمض الكبريت ، وأن الكبريت العنصري يتفاعل مع كربونات الكالسيوم الموجودة أصلاً في التربة ويشكل الجبس.

في تجربة حقلية للاستصلاح الترب القلوية بإضافة 50% من متطلبات الجبس في تربة pH  = 10.5 و ESP   = 95% بعد 10 أشهر من التجربة ولوحظ ازدياد نشاط الأحياء الدقيقة و تحسن في صفات التربة ، كما لوحظ بعد ثلاث سنوات انخفاض رقم الــ pH   إلى 9.45 و ESP إلى 47.5 % و متوسط الكربون للكتلة العضوية وصل إلى 206.5 مغ/كغ تربة والزيادة في الكربون العضوي 64% والنتروجين 38% مقارنة بالتربة الأصلية.

محسن آخر لاقى اهتمام كبير في تحسين خصائص التربة الفيزيوكيميائية وهو الزيوليت .

الزيوليت هو سيلكات الألمنيوم ذات الشكل البنيوي رباعي السطوح (SiAl)O4 ، يحتوي فراغات دقيقة ممتلئة بجزيئات الماء والكاتيونات القابلة للتبادل . ويكون تواجده على شكل بلورات صافية ذات تكون حراري في فجوات التصدعات في الصخور البركانية أو على شكل بلورات دقيقة ذات منشأ رسوبي ,

يستعمل الزيوليت لتحسين نمو النبات وحالة التحبب للتربة بالإضافة إلى السيطرة على تآكل (تعرية) التربة علاوة على ذلك سجل أن الزيوليت يحسن من قدرة التربة على الاحتفاظ بالماء ، وخفض سمية الألمونيوم ، والسيطرة على تآكل التربة الحامضي وفي تجربة حقلية  وجد أن إضافة الزيوليت لترب صودية خفض من ESP  نتيجة زيادة CEC  ، كما حسن من حالة تحبب التربة و بالتالي حسن من التوصيل المائي للتربة. كما أدى هذا المحسن إلى التقليل من خسارة التربة وتركيز الراسب والسيطرة على تعرية التربة. كذلك إضافة الزيوليت خفضت إلى حد كبير الـ EC  و كمية الصوديوم.

ويساهم الزيوليت الخام المضاف للتربة في تحسين الخواص الفيزيائية ، والمائية للطبقة السطحية كزيادة في رشح ماء التربة من خلال زيادة المسامية ، وبذلك يحد من تعفن جذور النبات ، ويحسن الخواص المائية الكيميائية للتربة ، وبالتالي يزيد من إنتاجية المحاصيل. وأكد العديد من الباحثين أنَّ الزيوليت الخام يحتوي على كمية عالية من الآزوت والبوتاسيوم  وهذا يساهم في تأمين جزء من حاجة النبات و يساهم في خلق بيئة غذائية جيدة لنمو النباتات وزيادة إنتاجيتها . كما يحسن من التوزع الأفقي للماء في التربة .

إن تطور مشاكل الملوحة والقلوية والسمية في الترب لا يقلل معدل إنتاج المحصول ونوعيته فقط وإنما يحدد أيضاً اختيار المحاصيل المزروعة. من النظريات الرئيسة لتحسين الإنتاج في البيئة الملحية والتي تعدل البيئة لتناسب النبات إضافة المصلحات العضوية للترب تحت شروط الري بمياه مالحة  إن الأسمدة والمصلحات العضوية لها تأثير حمضي مفيد على قلوية التربة من خلال عمل الأحماض العضوية المتشكلة خلال تحلل المادة العضوية والكالسيوم والمغنزيوم الموجود في المادة العضوية والتي يستبدل مع الصوديوم على معقد التبادل. وبالتالي فان إضافة المادة العضوية تساعد  في عملية الاستصلاح من خلال خفض pH       التربة.

والصوديوم القابل للتبادل في الترب   . إن المحافظة على خواص التربة الفيزيائية والكيميائية في البيئة الملحية أو القلوية ممكن تحقيقه باستخدام مياه ذات نوعية جيدة في الري ، اختيار صحيح لمصلحات التربة المضافة ، وصرف جيد وممارسة إدارة جيدة للتربة     ..

تؤدي المادة العضوية دوراً مهماً في تحسين الخصائص الفيزيائية والكيميائية والخصوبية للترب المختلفة . ونظرا إلى انخفاض نسبة المادة العضوية في ترب المناخات الجافة لأسباب عديدة لذا يعد رفع محتوى الترب من المادة العضوية أمرا بالغ الأهمية . إن رفع حيوية الترب الزراعية بإضافة المادة العضوية الضرورية يعد وسيلة مهمة لزيادة إتاحة العناصر المغذية الكبرى والصغرى على حد سواء ، وعليه فان تأثير المادة العضوية يكون في مسارين هما محسن لخواص التربة ومخصب لها ، وان ثقل المسار الأول يفوق الثاني ، لما للمادة العضوية من دور في تحسين صفات التربة الفيزيائية المتعلقة بالنفاذية والمسامية وحركة الماء والهواء في التربة وانتشار الجذور وتغلغلها والاحتفاظ بالرطوبة وحرارة التربة . هذا ويمكن الاستفادة من التحسين الفيزيائي بشكل خاص في الإنتاج النباتي للمحاصيل التي يكون إنتاجها الاقتصادي تحت سطح التربة كالبطاطا التي تتأثر بالصفات الفيزيائية للتربة وبنية التربة المناسبة   أما دور المادة العضوية في التأثير في الصفات الكيميائية للتربة فيتمحور حول زيادة السعة التبادلية الكاتيونية للتربة وعملها كمادة مخلبية تحد من فقد العناصر الغذائية وترسيبها فضلاً عن خفض pH  التربة في منطقة الجذور النباتية من خلال إطلاقها لأيونات الهيدروجين والحموض العضوية المختلفة وغاز CO2  لدى تحللها كما تبين  أن 47% من المغذيات الداخلة في زراعة الاتحاد الأوربي مصدرها الأسمدة العضوية. يعد الآزوت أهم العناصر الغذائية الضرورية للنبات بعد عناصر الكربون والهيدروجين والأكسجين ، ويؤلف 78% من الغلاف الجوي الذي يحتوي نحو 103.9 طناً من الآزوت تؤدي إضافة المادة العضوية إلى الترب التي يرتفع فيها الـpH  إلى خفض قيمpH  التربة ولو بدرجة محدودة      مما يزيد من إتاحة الفوسفور للنبات . إذ أن المركبات الناتجة من تحليل المادة العضوية القدرة على خلب الأيونات الموجبة مثل Ca++ ومن ثم تقلل من ارتباطه بالفوسفور وترسبه كما تعمل المركبات العضوية على تغليف غرويات الطين مما يمنع احتجاز الفوسفور بين طبقات معادن الطين .

كما تبين أنَّ إضافة السماد البلدي ساهم في زيادة التجمعات الترابية ، وارتفاع في قيمة سعة الاحتفاظ بالماء ، وخاصة عند زيادة معدل إضافة المحسنات الحيوانية (السماد البلدي). كما أكد أنَّ إضافة السماد البلدي بمعدل (2%) للترب ذات القوام الخشن زادت من تجمعات التربة ، والمحتوى الرطوبي ، ورطوبة السعة الحقلية. كما أن زيادة المحتوى الرطوبي في قطاع التربة وخاصة في الأفق السطحي ، يعود لإضافة السماد البلدي مقارنةً بباقي آفاق التربة. وأوضح الباحثون بأن إضافة السماد البلدي في ظروف الري بالمياه المالحة قد أدى إلى زيادة ثباتية تجمعات التربة في التربة اللوميه الرملية الخفيفة القوام.

في الإنتاج النباتي يعد السماد البلدي محسناً عضوياً ممتازاً فهو يحوي الآزوت بشكليه       المعدني والعضوي. و تساهم  إضافة السماد البلدي في المحافظة على خصوبة التربة ، وتحسن خواصها .إن استعمال السماد البلدي يحسن العديد من الخواص الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية للتربة ( كالتهوية ، وسعة احتفاظ التربة بالماء، وزيادة المادة العضوية والعناصر الغذائية النباتية ويتوقف تركيز العناصر الغذائية على كمية المادة العضوية الجافة في السماد البلدي وتساهم عمليات التمعدن في تحرير العناصر الغذائية من المركبات العضوية لإنتاج أشكال معدنية ،   فيكون تحلل الأنسجة العضوية مصدراً مهماً للآزوت والكبريت والفوسفور والعناصر الأساسية الأخرى للنباتات كما إن استعمال السماد البلدي الحيواني بغرض التسميد يؤدي إلى زيادة في محتوى المادة العضوية فــي التربة .

إن إضافة السماد البلدي يزيد المادة العضوية ويحسن بنية التربة ، وتوازن مكوناتها ، ويزيد الفعالية الحيوية ويؤثر إضافة السماد البلدي الحيواني إلى التربة في الكثافة الحجمية لها . التي تكون ذات قيمة أعلى في التربة غير المسمدة  أو  المسمدة كيميائياً مقارنةً بالتربة المسمدة بالسماد البلدي الحيواني حيث تساهم إضافة السماد البلدي في استمرارية تناقص الكثافة الحجمية بشكل تدريجيي عند زيادة مستويات السماد العضوي المضافةكما تزيد الأسمدة البلدية (الحيوانية) المضافة للتربة كمية المادة العضوية ، وإتاحة العناصر الغذائية للنباتات نتيجة تمعدن الأسمدة العضوية ، وبالتالي انخفاض في نسب العناصر الغذائية المفقودة في التربة. تزداد ملوحة الطبقة السطحية من التربة بإضافة الأسمدة البلدية بالفترة الأولى من تحللها  ، ثم تنخفض ملوحتها ، وتزداد المادة العضوية بالتربة وإتاحة العناصر الغذائية للنباتات .إن إضافة السماد البلدي الحيواني بمعدل عالٍ نسبياً له أثر إيجابيٌّ لزيادة المادة العضوية والعناصر الغذائية حيث يكون حوالي 60% من المادة العضوية في التربة وبالتالي تسهم في زيادة السعة التبادلية الكاتيونية يزداد محتوى التربة من المادة العضوية والآزوت والفوسفور والبوتاسيوم عن طريق النباتات وانخفاض في درجة حموضة التربة الـ(pH) أثناء الدورة الزراعية بزيادة معدل إضافة السماد البلدي الحيواني كما بينت نتائج تجارب ازداد إنتاج المحاصيل المضاف لها سماد عضوي مقارنة بالشاهد وكانت الزيادة طردية مع زيادة المعدل المضاف من السماد العضوي . وزيادة معنوية للمادة العضوية والآزوت الكلي والفوسفور المتاح والبوتاسيوم المتاح في التربة مقارنة بالشاهد.

وأكد الباحثون أنَّ المحاصيل الزراعية المسمدة بالسماد البلدي الحيواني تعطي إنتاجية مشابهة أو أعلى مقارنةً بإنتاجية المحاصيل المسمدة بالأسمدة الكيميائية ، وخاصةً في الموسم الزراعي التالي بسبب تحسن خواص التربة وزيادة التحرر البطيء للعناصر الغذائية من مدخرات الأسمدة العضوية الحيوانية أثناء التحلل ونمو المحاصيل الزراعية. كما بينت نتائج تجارب أخرى زيادة معنوية في وزن الحب والقش للقمح عند إضافة السماد العضوي بمعدل 20 طن/هـ حيث تفوقت هذه المعاملة على الشاهد . كذلك أدى استخدام الأسمدة العضوية إلى زيادة في السعة التبادلية بنسبة 33%.

 

 

...

تحتوي التربة المالحة على أنواعٍ عديدة من الأملاح سهلة الذوبان التي تتكون من أيونات الصوديوم والكالسيوم والمغنزيوم والكلور والكبريتات والبيكربونات والنترات وغيرها  ويرتبط تركيز هذه الأيونات بشكل وثيق مع الضغط الحلولي لمحلول التربة الذي يحدد   مدى   مقدرة جذور النبات على امتصاص الماء. كما إن تركيزاً عاليا من الأملاح الذائبة في التربة يقلل من إتاحة الماء فيزيولوجيا ويسبب تراكماً مختلفاً للأيونات في النبات ويصل إلى مستويات سامة.

وتتجلى ملوحة التربة والمشاكل المتعلقة بها في المناطق الجافة وشبه الجافة ، في قلة كمية  الأمطار الهاطلة لغسل الأملاح الذائبة من التربة ، أو أن صرف التربة  السطحي و/أو تحت السطحي غير فعال أيضاً تظهر المشاكل المتعلقة بالملوحة في الأراضي المروية ، خاصة عندما تكون مياه الري المستعملة سيئة النوعية

هناك العديد من الأيونات شائعة الانتشار في الترب المالحة والمعروفة بارتباطها المباشر     بملوحة التربة ومن أهمها أنيونات الكلور Cl- ، والكبريتات SO4-- ، والبيكربونات   HCO3- ، والنترات NO3- ( في بعض الأحيان ) ، وكاتيونات الصوديوم Na+ ،  والكالسيوم Ca++ ، والمغنزيوم Mg++ ، والبوتاسيوم K+ ( في بعض الأحيان ). ومن المرجح  وجود تأثيرات متباينة للأملاح المختلفة في النبات ، غير أن معظم الدراسات المتعلقة بتحمل النباتات للملوحة  تقتصر على دراسة تأثير كلور وكبريتات كل من الصوديوم والكالسيوم والمغنزيوم والبوتاسيوم      في نمو النبات وإنتاجه ولقد وجد أن ترتيب درجة السمية للأيونات المختلفة لا يتغير  بتغير طور نمو النبات وأن أنيوني الفوسفات والكبريتات كانا أقل ضررا من الأنيونات الأخرى على أطوار النمو المبكرة والمتأخرة على حدٍ سواء . وكان أنيون الكربونات متوسط السمية ، في حين أظهر أنيون البيكربونات ضررا شديداً على النمو. أما تأثير أنيوني النترات والكلور على النمو النباتي فلقد كان أشد ضرراً في أطوار النمو المتأخرة مقارنة بأطوار النمو المبكرة. ويرى بعض الباحثين أن أنيون الكلور أكثر سميةً على النبات من أنيون الكبريتات في حين يكتسب أنيون البيكربونات مستوى أعلى من الأهمية بسبب ميله لجعل الكالسيوم والمغنزيوم إلى  حد ما غير متاحين بترسيبهما من محلول التربة على شكل كربونات .

وتقسم الترب المتأثرة بالأملاح عموماً إلى ثلاث مجموعات اعتماداً على كميات الملح وأنواع الأملاح المتزهرة على سطح التربة. ويعتمد هذا التصنيف على قيم الناقلية الكهربائية ECe لمستخلص العجينة المشبعة للتربة ، وpH التربة ، والنسبة المئوية للصوديوم المتبادل ESP  

 

جدول تصنيف الترب المالحة و القلوية

التصنيف

ECe

(ديسسمنز/م)

pH

ESP

%

الحالة الفيزيائية للتربة

مالحة

< 4

> 8.5

> 15

طبيعية

قلوية

> 4

< 8.5

< 15

سيئة

مالحة - قلوية

4

8.5

15

طبيعية

 

 ويقصد بالترب المالحة كل تربة تحوي كمية مرتفعة من الأملاح الذائبة إلى درجة يمكن أن تكون  فيها مؤذية لإنبات البذور ونمو النبات ، وتكون هذه الترب غالبا بحالة فيزيائية طبيعية وتتصف ببناء جيد ونفاذية جيدة ، ويكون نمو النبات فيها غير منتظماً ، وقد يظهر على سطحها  قشور بيضاء ، وغالبية هذه الأملاح عبارة عن كبريتات و/أو كلوريدات كالسيوم ومغنزيوم ، حيث تعد الترب الحاوية عليها من أسهل أنواع الترب المتأثرة بالملوحة في عملية الاستصلاح فيما إذا توفرت مياه ذات نوعية جيدة مع صرف جيد . ولا يتم استصلاح الترب المالحة بالمصلحات الكيميائية أو الأسمدة لوحدها ، وإنما يمكن أن يتم ذلك عن طريق إضافة كمية مياه كافية وذات نوعية جيدة لغسل الأملاح الزائدة من التربة مع السماح للتربة بأخذ الوقت الكافي لإتمام عملية الغسيل بعد كل إضافة ومن أجل استصلاح ناجح ، يجب أن تنخفض الملوحة بالغسيل في الطبقة السطحية للتربة وبعمق يصل إلى 45- 60 سم إلى  ما دون قيمة العتبة الملحية للمحصول ، وتعد عملية غسيل الأملاح أسلوباً مميزاً لاستصلاح الأراضي البور المالحة .

وتتصف الترب القلوية بكونها قليلة المحتوى من الأملاح الكلية الذائبة ، لكنها عالية المحتوى من الصوديوم المتبادل مما يؤدي إلى تفرق الحبيبات و يجعل التربة صعبة الحراثة وغير نفوذة للماء في الحالة الرطبة ، ويكتسب سطحها قشرة صلبة عند جفافها. وتحد هذه التربة من نمو أغلب النباتات ، ومن الممكن استصلاحها لكن عملية الاستصلاح سوف تكون بطيئة ومكلفة . ويعتمد استصلاح هذه الترب أولا على استبدال الصوديوم القابل للتبادل بكاتيون الكالسيوم ، ومن ثم غسل كاتيون الصوديوم من قطاع التربة . ويمكن أن تتم عملية معالجة هذه الترب بإحلال Ca++ محل Na+ عن طريق استخدام العديد من المواد كالجبس ، وزهر الكبريت ، وحمض الكبريت ، وكلوريد الكالسيوم .

وتنشأ الظروف القلوية في أغلب الأحيان عندما يكون تركيز الصوديوم في مياه الري أعلى من تركيز الكالسيوم والمغنزيوم مع وجود تراكيز عالية للبيكربونات. وعندما تمتص النباتات الماء فان الأملاح ستبقى في التربة وتصبح مركزة مما يؤدي إلى ترسب الكالسيوم على صورة كربونات الكالسيوم ، بينما يبقى معظم الصوديوم ذائباً في محلول التربة الأمر الذي ينعكس على نسبة ادمصاص الصوديوم ( SAR ) فالترب الملحية – القلوية تتصف باحتوائها على تراكيز منخفضة من الكالسيوم والمغنزيوم ، ومتوسطة من الكربونات ، وعالية جداً من الصوديوم .

إن وجود الصوديوم المتبادل بكميات زائدة في التربة يؤدي إلى تدهور كبير في بناء التربة ينجم عنه انخفاض واضح في نفاذية التربة بسبب تشكل القشرة السطحية و انتباج الطين وتفرقه ، الأمر الذي ينعكس سلباً على كمية الماء المتاح للنبات وقد يمنع الانغسال الكافي للأملاح من التربة . كما يؤدي ارتفاع محتوى التربة من الصوديوم المتبادل إلى إعاقة حركة الهواء والماء خلال التربة . ويعتقد  أن احتواء التربة على تراكيز ضارة من الصوديوم والكلور قد يؤدي إلى موت الأشجار وأغلب المحاصيل الحقلية والعلفية ، وتظهر أعراض السمية عندما تتجمع كميات كبيرة من الصوديوم والكلور في الأوراق.

ومن الممكن أن تكون التربة ملحية – قلوية عندما تحوي كمية كبيرة من الأملاح الكلية الذائبة        (  ECe  > 4 ديسسمنز/م )  والصوديوم المتبادل (ESP  > 15% ) ، إضافة إلى ارتفاع درجة تفاعلها  pH > 8.5 . وتبقى الصفات الفيزيائية لهذه الترب جيدة ما دامت الأملاح الذائبة موجودة وعند استصلاح هذا النوع من الترب لا بد أن يكون غسل الأملاح الزائدة مصحوباً باستبدال الصوديوم القابل للتبادل مع الكالسيوم ، فغسل الأملاح الزائدة بدون استبدال الصوديوم المتبادل يؤدي إلى تدهور التربة وتحولها إلى تربة قلوية كما أن نمو النبات وإنتاجه يكون متأثراً في هذه الترب ، لكن تطبيق الإجراءات الهادفة إلى استصلاح هذه الترب والإدارة الصحيحة لها يمكن أن يساهم في تحسين ظروف النمو النباتي فيها .

وقد ذكر أن عملية استصلاح الترب المتأثرة بالملوحة والقلوية معاً تتم خلال سنوات عديدة بحيث تضاف في البداية كميات كبيرة من المصلحات ثم تخفض لاحقا حسب   الحاجة ، وعادةً ما يكون استصلاح هذه الترب أعلى تكلفةً من استصلاح الترب المالحة بسبب الحاجة لاستبدال الصوديوم المتبادل بالكالسيوم الذي يتطلب إضافة مصلحات كيميائية يرافقها إجراء عمليات غسيل للتربة .

وتتصف الترب الملحية- القلوية بسوء نفاذيتها ، وتتطور هذه الترب تحت تأثير الاستعمال المستمر لمياه ري تحوي تراكيز عالية من الصوديوم ، ومنخفضة من الكالسيوم  والمغنزيوم  كما أن استخدام مياه ري مالحة سوف يؤدي إلى زيادة الصوديوم المتبادل ونقصان الكالسيوم  المتبادل. وأشارت نتائج  إلى أن إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي المالحة في الري سببت تشكل الملوحة المتوسطة القلوية للتربة المزروعة بمحصول القطن ، وتشكل الملوحة المنخفضة القلوية للتربة المزروعة بمحصول الذرة الصفراء .

وقد ذكر أن التركيز العالي من الصوديوم والكلور في النباتات ضار بسبب التغير الذي يحدثه في الميزان المائي ، والتأثير الأيوني النوعي ، وإضعافه لمعدل انتقال المواد المذابة. وفي دراسة تمت على محصولي القمح  والبطاطا مزروعة في تربة مالحة – قلوية تبين أن هناك زيادة في كمية الصوديوم المدمص على غرويات التربة ونقص في كمية الكالسيوم والمغنزيوم المتبادلين وترسيب لكربونات الكالسيوم والمغنزيوم ، وبينت هذه الدراسة أن البطاطا أكثر حساسية من القمح لملوحة التربة ، وأن النمو كان في الترب اللومية أفضل منه في الترب الطينية.

يعد ملح كلوريد الصوديوم من أهم الأملاح التي تؤثر في نمو  النبات ، ويعتبر كثير من الباحثين أن هذا الملح ضار جدا حيث يؤثر في امتصاص العناصر المعدنية من قبل النبات ومن خلال ذلك يؤثر في التوازن الأيوني ( كاتيون – أنيون ) في النبات  و يؤثر الكلور على إتاحة النترات للنبات ، بينما يؤثر الصوديوم     في إتاحة الكالسيوم و البوتاسيوم مما قد ينتج عنه عوز بهذين العنصرين  مسببا خللا في عملية الانقسام الخلوي   ، وفي مختلف العمليات الفيزيولوجية والتوازن المعدني خصوصا ما يتعلق بعنصر البوتاسيوم الذي يلعب دوراً هاماً في تنظيم الضغط الحلولي للنبات.     إن نسبة الصوديوم إلى البوتاسيوم Na/K  في الأنسجة النباتية تعد من النسب الهامة ، وفي كثير من الأحيان تدل على مدى تحمل النباتات للملوحة ويبدو أن تحمل صنف معين أو نوع نباتي ما للأملاح مرتبط بقدرة هذا النوع على تنظيم امتصاص شوارد الـNa+ أو Cl- أو قدرته على تحمل تراكيز عالية من الكلور      في الأوراق دون حدوث أضرار لها ، وان زيادة الضغط الحلولي لمحلول التربة نتيجة زيادة محتواه من الأملاح الذائبة يزيد من الطاقة التي يجب أن يبذلها النبات لامتصاص الماء من التربة ، فتزداد – تبعاً لذلك - وتيرة التنفس ويتناقص نمو النبات كذلك إنتاجيته مع زيادة تركيز الأملاح الذائبة. كما أن زيادة تركيز شوارد معينة يؤدي إلى تقليل أو منع امتصاص شوارد أخرى بفعل ظاهرة التضاد Antagonism ، فزيادة تركيز شوارد الكبريتات مثلاً يقلل امتصاص النبات للكالسيوم ولكنه يزيد من امتصاص الصوديوم وهذا يمكن أن يؤدي للتسمم بأيون الصوديوم في بعض الأنواع النباتية الحساسة ، كما أن زيادة تركيز الكالسيوم يؤدي إلى التقليل من امتصاص البوتاسيوم .

تشكل ملوحة التربة أحد العوامل الرئيسية التي تؤثر في نمو وإنتاجية المحاصيل في المناطق الجافة وشبه الجافة ، ويتجلى ذلك من خلال تسببها في نقص الماء المتاح ، وفي عدم توازن المغذيات ونتيجة سمية بعض الأيونات  . وتؤدي الملوحة في محاصيل الحبوب إلى خفض عدد السنابل ، كما تؤثر على موعد الإزهار والنضج ، وينخفض معدل نمو أوراق محصول الشعير بشكل سريع عند حصول زيادة مفاجئة في ملوحة التربة

ولقد أشار العديد من الباحثين إلى آليات تحمل الملوحة عند الشعير والقمح ، ووجد عند دراستهم لمحتوى أنسجة المجموع الخضري والمجموع الجذري للشعير من الأيونات المختلفة أن الشعير البري يراكم كمية أقل من الصوديوم من الوسط الملحي مقارنة مع أنواع الشعير ثنائي الصفHarrington   ، كما وجدوا أن الأنواع البرية تحوي مستويات أعلى من الكالسيوم وتتصف بنسبة Na/K  أكثر ملائمة. وذكر أن الأنواع البرية للشعير مستوطنة في ترب ذات pH < 8 ،  و EC حوالي dS/m 16 ، وتحتوي على تراكيز من أيونات Na+, Mg++ , SO4--  تتراوح بين 100 – 200 (mol/m3) في مستخلص العجينة المشبعة.

تختلف المحاصيل كثيراً فيما بينها في مدى تأثرها بالملوحة ، فالعلامات الأكثر تمييزا        للضرر الناجم عن الملوحة هي نقص معدل النمو وانخفاض الإنتاجية . ويمكن أن تتحمل المحاصيل الملوحة إلى بعض المستويات دون يؤدي ذلك إلى خسارة قابلة للقياس في الغلة (العتبة الملحية) ، والمحاصيل الأكثر تحملا للملوحة هي تلك   التي تمتلك أعلى مستوى لعتبة الملوحة ، وعندما تكون مستويات الملوحة أكبر من هذه العتبة فان غلة المحصول تنخفض بشكل خطي مع ازدياد الملوحة. ويعتقد أن عتبة الملوحة للشعير في حدود 8 ديسسمنز/م 

وتؤثر ملوحة التربة سلباً في النمو النباتي من خلال تخفيض الماء المتاح في التربة ، فارتفاع تركيز الأملاح في المحلول الأرضي يترافق مع ارتفاع الضغط الحلولي لهذا المحلول حسب المعادلة:

الضغط الحلولي (بار) =  0.36  ×  التوصيل الكهربائي (ديسسمنز/م)

حيث يرتبط امتصاص النبات للماء بالفرق بين الضغط الحلولي في خلاياه الجذرية ، وبين الضغط الحلولي لمحلول التربة ، وعليه فان أي تغير في الضغط الحلولي للمحلول الأرضي سيؤثر على قابلية استفادة النبات من الماء كما أن تراكيز عالية من الأملاح ربما تسبب عرقلة في امتصاص النبات لبعض العناصر المغذية التي يحتاجها . وبالإضافة إلى التأثير في نمو النبات ، فان الملوحة يمكن أن تخفض من نسبة إنبات البذور فكلما زاد تركيز   الملح ، انخفضت قدرة البذرة على امتصاص الرطوبة إن انخفاض معدل النمو يعتمد على طول الفترة الزمنية التي تتعرض لها النباتات للظروف الملحية ، ففي فترة قصيرة من التعرض للملوحة يمكن أن يكون الانخفاض في النمو متشابها بين أنواع تتفاوت في تحملها للملوحة  وعلى الرغم من ذلك فإن   لم يجد اختلافا بين أصناف الشعير عند التعرض لفترات قصيرة من الملوحة. في حين وجد أن الشعير هو الأكثر تحملا للملوحة .

يعد اختيار المحصول المناسب لزراعته في الترب المالحة من أبرز عناصر الإدارة الجيدة للأراضي المالحة. ولقد قسمت محاصيل الحبوب تبعا لدرجة تحملها لتركيز الأملاح الكلية الذائبة في التربة إلى أربع مجموعات احتل الشعير المرتبة الأولى في المحاصيل  عالية التحمل للملوحة (8-12 ديسسمنز/م )

...

يقصد بالمادة العضوية تلك البقايا والمخلفات، نباتية كانت أو حيوانية المنشأ، التي تصل التربة تلقائياً أو تضاف إليها سواء كانت هذه البقايا متحللة أم مقاومة للتحلل، مضافاً إليها الكائنات الحية الدقيقة الموجودة .

 تتكون المادة العضوية عموماً من 50% كربون (C)، و40% أوكسجين (O)، و5% هيدروجين (H)، و4% نتروجين (N)، و1% كبريت (S). ويتراوح محتوى التربة من المادة العضوية ما بين 1-10% وذلك تبعاً للمناخ السائد والتضاريس والأساليب الزراعية المتبعة وغيرها . ويطلق مفهوم الدبال Humus على الجزء المتدبل المتحول بفعل الأحياء الدقيقة انطلاقاً من مادة عضوية خام ، ويتميز بقدرة ادمصاصية عالية وسعة تبادلية كبيرة لذلك يعد بمثابة مخزنا للكاتيونات السهلة التبادل، كما ينظم التوازن بين الكاتيونات المدمصة والذائبة ويؤدي دوراً مهماً في إكساب التربة اللون الداكن مما يزيد من قدرتها على امتصاص الحرارة 

تشكل المادة العضوية في التربة الزراعية والحراجية إحدى المراحل المهمة في دورة الحياة على الأرض التي تعيد فيها المادة العضوية الكثير من العناصر الأساسية إلى الحالة الحرة، وعلى الرغم من الدور المهم للمادة العضوية في تزويد التربة بالعناصر الخصوبية التي تدخل في تغذية النبات إلا أنها تؤدي في الوقت ذاته دوراً لا يقل أهمية في التحولات التي تجري في التربة عن طريق رفع معدل إتاحة العناصر الآتية:Fe وZn وCu وغيرها في التربة، وذلك عن طريق خفض pH التربة أو الحيلولة دون دخول تلك العناصر في مركبات صعبة الذوبان عن طريق تشكيل معقدات عضوية معدنية. ويعتقد أن المادة العضوية تؤثر في مجمل الخصائص الحيوية والكيميائية والفيزيولوجية للتربة, إذ تساعد في زيادة نمو الكائنات الدقيقة وتزودها بالطاقة اللازمة لنشاطها، كما تزيد من سعة التبادل الكاتيوني للتربة لما تمتاز به من سعة تبادل كاتيوني عالية وتسهم في ربط العناصر الصغرى كالنحاس الكاتيوني للتربة لما تمتاز به من سعة تبادل كاتيوني عالية وتسهم في ربط العناصر الصغرى كالنحاس والزنك والمنغنيز بمعقدات ثابتة، وتزيد المادة العضوية السعة التنظيمية للتربة Buffering Capacity من خلال دورها في تنظيم pH التربة والحد من التغيرات الطارئة التي يمكن أن تطرأ عليه، وبالإضافة لما سبق تزيد المادة العضوية من ثباتية بناء التربة لارتباطها مع معادن الطين وترفع قدرة التربة على الاحتفاظ بالماء. ويعتقد أن المادة العضوية الكلية تؤدي دوراً في قابلية التربة للتراص والتفتيت، وفي قدرتها على الاحتفاظ بالماء، كما تساهم في تنظيم حركة الماء والهواء في التربة وحفظ المغذيات وتحد من قابلية التربة للتعرية، كما أن تدهور بناء الترب الزراعية غالباً ما يكون بسبب انخفاض محتوى التربة من المادة العضوية، وأن زيادة كمية المادة العضوية في التربة ترتبط بزيادة الإنتاجية بسبب مساهمتها في زيادة السعة المائية للتربة وتحسين بناء التربة، وتزويدها للنبات بالعناصر المغذية المختلفة.

كما أن إضافة الأسمدة العضوية للتربة قد ساهمت في زيادة تهوية التربة بمقدار 15% بالمقارنة مع الشاهد وزادت من قدرة التربة على الاحتفاظ بالماء، وقد أدى تحسن ثباتية بناء التربة ومساميتها إلى زيادة في معدل رشح الماء في التربة مما ساعد على الحد من انجرافها المائي والريحي ،كما أن إضافة الأسمدة العضوية للتربة تساهم في زيادة الكربون العضوي والنتروجين الكلي في الأفق السطحي للتربة.

تؤدي المادة العضوية دوراً في زيادة قدرة الأراضي على الاحتفاظ بالمياه، إذ أن المادة العضوية ما هي إلا عبارة عن غرويات تتشرب الماء وتزيد مقاومة الأراضي للجفاف، ولقد أشارت العديد من الدراسات إلى أن الإضافات العضوية يمكن أن تعزز وتدِّعم فعالية استعمال المياه عبر تحسين نفاذية التربة وزيادة قدرة التربة على الاحتفاظ بالمياه في منطقة انتشار الجذور والتقليل من الصرف العميق، وأن هذه التأثيرات الإيجابية تنشأ من تحسين المادة العضوية لخواص التربة الفيزيائية والكيميائية، الذي يزيد بدوره من إنتاجية هذه الترب ويقلل من الماء المهدور

كما أن دور المواد العضوية في إتاحة المغذيات الصغرى في التربة يتم من خلال تشكيل المخلبياتChelates. بالإضافة إلى ظهور العوز (النقص) بالعناصر الصغرى في الترب الكلسية وكذلك في الترب العالية المحتوى من المادة العضوية، إذ إن زيادة ادمصاص هذه العناصر وارتباطها بالمواد العضوية يؤثر في قابلية إتاحتها للنبات. كما أن دور المخصبات العضوية في تحسين الخصائص الفيزيائية والكيميائية للتربة يكمن في تفاعلها مع معادن الغضار، ومن ثم تحسين كل من الخصائص المائية والهوائية للتربة وكذلك سعة امتزازها للعناصر الخصوبية وجعلها بصورة متاحة للنبات.

...

تحتوي الترب على أنواع مختلفة من الكربونات مثل كربونات الكالسيوم والمغنزيوم والصوديوم وغيرها. يختلف محتوى التربة من الكربونات الكلية باختلاف المناخ السائد والصخور الأم المكونة للتربة وعوامل عديدة أخرى. وقد لا تشكل الكربونات الكلية إلا نسباً صغيرة في بعض الترب كترب المناخات الرطبة، في حين قد تصل نسبتها في البعض الأخر إلى 50% أو أكثر من وزن التربة الجافة كما في ترب المناخات الجافة. وتحتل كربونات الكالسيوم المكان الأول بين أنواع الكربونات من حيث نسبة تواجدها في التربة. يعرف الكلس الفعال بأنه الجزء من كربونات الكالسيوم التي تماثل في أبعادها أبعاد حبيبات الطين (<0.002 ملم) والمتمتعة بسطوح نوعية كبيرة تكسبها نشاطا كيمائياً واضحاً . تعرف الترب الكلسية بأنها الترب التي تحتوي على كميات من كربونات الكالسيوم والتي تؤثر بشكل فعال على خصائص التربة المرتبطة بنمو النباتات سواء كانت هذه الخصائص فيزيائية كتأثيرها في العلاقات المائية بالتربة، أو كيميائية كتأثيرها في إتاحة العناصر المختلفة للنبات. ولا يمكن وضع حد معين لكربونات الكالسيوم في الترب حتى يتم اعتبارها كلسية وذلك بسبب الاختلاف في حجمها وبالتالي فعاليتها. ولكن إذا احتوت التربة على نسبة من كربونات الكالسيوم 8-10% أو أكثر تعتبر تربة كلسية، حيث لوحظ حدوث نقص كبير في جاهزية الفوسفور (P) عند محتوى التربة من الكربونات الكلية يقدر بـ 8% وبذلك تم اعتماد هذه النسبة كحد لتسمية الترب الكلسية .

تحتوي غالبية الترب في المناطق الجافة وشبه الجافة نسباً عالية من الكالسيوم لأنها تشكلت من الحجر الجيري (Limestone) والحجر الرملي (Sandstone) اللذين يتمتعان بالصلابة. وتؤثر كمية كربونات الكالسيومCaCO3 (الإجمالي والجزء الفعال منها) وتوزعها ضمن عمق قطاع التربة في خصائص التربة الفيزيائية والكيميائية، وتتواجد التربة الغنية بكربونات الكالسيوم بكثرة في مختلف مناطق الشرق الأوسط بسبب الظروف المناخية الحارة والجافة على مدار السنة ومعدل الأمطار السنوي المحدود (400 مم أو أقل ) الذي لا يكفي لإذابة الجير وغسيله من قطاع التربة، على الرغم من امتلاك هذه الترب الإمكانية الزراعية الثمينة، تبقى إنتاجية هذه الأراضي محدودة بسبب ضعف الخصوبة، والقدرة على الاحتفاظ بالماء، والعمق المحدود للتربة، ووجود طبقة صماء، وممارسات الري الخاطئة.

إن متوسط محتوى الترب الكلسية من كربونات الكالسيوم في منطقة البحر المتوسط يترواح ما بين 25% إلى 90%، وتؤثر كربونات الكالسيوم بشكل فعال في امتصاص النبات للعناصر المغذية وفي فعالية الري، وتشكل في بعض المناطق قشور كلسية. ويعتقد أن عوامل تكوَن الترب الكلسية في منطقة البحر المتوسط ترجع إلى طبيعة الصخور الكلسية أو الغنية بالكالسيوم السائد في هذه المنطقة، وطبيعة المناخ السائد الذي تتناوب فيه بشكل دائم فترات جفاف وفترات رطبة، ووجود فترات جفاف طويلة تعيق عمليات الغسيل إلى طبقات التربة العميقة.

تتميز الترب الكلسية بسعتها التنظيمية العالية (Soil Buffering Capacity)، أو ما يعرف بمقدرة التربة على درء التغيرات المفاجئة في pH التربة، وهذا يعود لـوجود الكربونات الحرة القادرة على معادلة الحموض في التربة، لذلك لوحظ أن pH التربة الكلسية يتغير بشكل طفيف وهو يبقى حوالي (8). وتؤدي الكربونات التي تتواجد بأبعاد دقيقة تصل لأبعاد حبيبات السلت الناعم وما دون ذلك دوراً مهماً في تكوين التجمعات الترابية وتماسكها، كما تتميز شوارد (Ca+2 ) و(Mg+2 ) بأهمية خاصة في تجميع حبيبات التربة الناعمة ويعتقد بأن حجم ونسبة كربونات الكالسيوم تؤثر بشكل مباشر وغير مباشر في تكوين التجمعات الترابية واستقرارها في التربة.

إنَ التغيرات التي تحدثها الكربونات الكلية في التربة تكسب الترب الكلسية خصائص مائية تختلف عن غيرها من الترب، فالسعة المائية يمكن أن تتأثر بحجم وتركيز الكربونات، ويمكن للأجزاء الناعمة جداً من الكربونات أن تغلف حبيبات الطين والسلت وبالتالي تخفف من التوتر السطحي ( تسبب زيادة في السطح النوعي وبالتالي تخفف من قوة شد جزيئات الماء في التربة)، كما أن زيادة نسبة كربونات الكالسيوم الموجودة في الطين (أكبر من 30%) يمكن أن تسبب تناقصاً في السعة المائية للتربة. وتتأثر حركة الماء في التربة بوجود الكربونات، وعند مقارنة حركة الماء في الترب الكلسية مع حركته في الترب غير الكلسية تبين أن انتشار الماء في الترب الكلسية كان أكبر بسبب تأثير كربونات الكالسيوم في تكوين تجمعات ترابية أكبر حجماً .

 

...

تتأثر الخصائص الفيزيومائية للتربة بعوامل عديدة نذكر منها قوام التربة, درجة انضغاط التربة ونسبة المادة العضوية. فكلما زادت نعومة التربة زادت نسبة المسام فيها وبالتالي تزداد قدرتها على الاحتفاظ بالماء، فالترب الطينية لها القدرة على الاحتفاظ بالماء أكثر من الرملية. وعندما تزداد درجة انضغاط التربة يزداد عدد نقاط التماس كما يزداد عدد الأنابيب الشعرية أي تزداد قدرتها على الاحتفاظ بالماء، فالأراضي الرملية عندما تتعرض للانضغاط تزداد قدرتها على الاحتفاظ بالماء عكس الأراضي الطينية . كما تسهم المادة العضوية من خلال تحللها وتدبلها في تجميع حبيبات التربة وربطها, فتلعب بذلك دوراً مهماً في إعطاء التربة بناء خاصاً بها, يتوقف في نمطه وأبعاده على طبيعة التركيب الفلزي للتربة ودرجة النشاط الجذري والحيوي. وذلك بغض النظر عن درجة تحلل هذه المخلفات وتفككها بفعل الأحياء الدقيقة والنشاط الحيوي

من الخصائص الفيزيومائية للتربة الرطوبة الهيجروسكوبية, نقطة الذبول الدائم والسعة الحقلية.

تتأثر الرطوبة الهيجروسكوبية بمحتوى التربة من المادة العضوية والطين ودرجة تشبع الجو ببخار الماء فإذا كان الجو مشبعاً ببخار الماء وصل الماء الهيجروسكوبي في التربة إلى نهايته العظمى .أما نقطة الذبول فتختلف قيمتها باختلاف قوام التربة ومقدار ما تحتويه من الغرويات والمواد العضوية، إذ إن معامل الذبول في الأراضي الطينية أكبر منه في الأراضي الرملية . في حين تعبر السعة الحقلية عن النسبة المئوية للرطوبة التي تحتفظ بها التربة بعد رشح الماء الزائد، وتكون سرعة الرشح قد قلت جداً حيث تقترب من الصفر ويستحصل على هذه الحالة في الأراضي جيدة الصرف بعد الري بحوالي 48 -72 ساعة. يتوقف الزمن اللازم للوصول إلى درجة السعة الحقلية على مجمل الخواص الفيزيائية للتربة وخاصة قوام التربة حيث تتراوح النسبة المئوية للمحتوى المائي للتربة عند السعة الحقلية بين 4% للترب الرملية و 45% للترب

الطينية ويمكن أن تصل إلى 100% بالنسبة للترب العضوية.

يعد تحديد السعة الحقلية للأراضي الزراعية ضرورياً جداً، بحيث يُستفاد منها في تحديد أقصى كمية مياه يجب إضافتها للأرض في الرية الواحدة لتبتل منطقة الجذور، حيث إن المياه الزائدة عن السعة الحقلية لا تستطيع التربة الاحتفاظ بها لذلك ترشح أسفل منطقة الجذور .

تتأثر السعة الحقلية بكل من قوام التربة ونوع فلز الطين السائد ودرجة تحبب التربة ومحتواها من المادة العضوية، حيث أن زيادة درجة تحبب التربة يزيد من قدرة احتفاظ التربة بالماء و أيضاً درجة تراص التربة، حيث أن رص الترب الرملية يزيد من قدرتها على الاحتفاظ بالماء كما أن  زيادة محتوى التربة بالمادة العضوية يؤثر في السعة الحقلية  وذلك لتأثيرها في درجة تحبب التربة، إن عمليات الخدمة الزراعية تغير من درجة انضغاط التربة وبالتالي تؤثر في السعة الحقلية أيضاً .

 

...

تتأثر مسامية التربة بدرجة تراصّ حبيبات التربة وتجانس حجم حبيبات التربة. فكلما كان حجم حبيبات التربة متجانساً كانت مساميتها أعلى، والعكس صحيح. إن العلاقة بين المسامية والكثافة الظاهرية علاقة عكسية، فالأسباب التي تزيد من الكثافة الظاهرية تؤدي إلى إنقاص المسامات البينية وخاصة القوام .

يؤدي استخدام الآلات الزراعية الثقيلة إلى كبس التربة بشدة مما يزيد من الكثافة الظاهرية ويقلل المسام فيها، وإن إثارة التربة من خلال عمليات الخدمة يؤدي إلى إنقاص الكثافة الظاهرية و زيادة سعة المسامات البينية كما تؤدي إضافة المواد العضوية إلى تجميع الحبيبات وتزيد نسبة المسامات البينية وتنخفض الكثافة الظاهرية. يلاحظ في الترب القلوية أن مساميتها  تقل بصورة ملحوظة مع العمق بسبب غسيل الحبيبات الناعمة من الطبقة السطحية الى الطبقات التحت سطحية الأمر الذي يؤدي الى زيادة كثافتها الظاهرية.

يلعب بناء التربة دوراً رئيساً في تحديد مساميتها كما يؤثر في نسب التوزيع الحجمي للفراغات الكبيرة إلى الفراغات الدقيقة. إذ تتراوح المسامية الكلية للترب الرملية بين 30-40 % وتبلغ 45-60% في الترب الطينية الثقيلة وقد تزيد عن ذلك حسب محتواها من المادة العضوية, و درجة تجمع حبيباتها .حيث تكون مسامية طبقة تحت التربة أقل من مسامية الآفاق السطحية وذلك حسب الأساليب الزراعية و نمط الزراعة التي تلعب دوراً مهماً في تحسين المسامية أو تدني قيمتها الترابية .إن إضافة المواد العضوية وأملاح الكالسيوم واتباع دورات زراعية والاختيار الأمثل لآلات خدمة الأرض واتباع طرق الري المناسبة، تساهم في حفظ مسامية التربة وتحسين نظامها الهوائي .

 

 

...

تختلف قيمة الكثافة الحقيقية، من تربة إلى أخرى حسب نوع المعادن و نسبة المادة العضوية فيها .فنظراً إلى الكثافة المنخفضة للمواد العضوية (1.3-1.5)gr/cm3 ، مقارنة بالكثافة الحقيقة للمواد المعدنية، فإنه كلما ازدادت نسبة المادة العضوية في التربة قلت الكثافة الحقيقية لتلك التربة. وخاصة في الطبقات السطحية حيث تنخفض الكثافة الحقيقية إلى2.4 gr/cm3  بوجود المادة العضوية. أما الجزء المعدني من المادة الصلبة في التربة، فتكون كثافته 2.65 gr/cm3 ؛ وهي قريبة من كثافة معدن المرو (الكوارتز)، الذي يسود وجوده في الترب الرملية وتزداد الكثافة الحقيقية للتربة تبعاً للتركيب الفلزي وزيادة محتواها من المعادن الثقيلة . وبما أنه يوجد اختلاف كبير بين كثافة المعادن, فكلما ارتفعت نسبة العناصر الثقيلة في التربة، مثل الحديد Fe، كانت كثافتها عالية لذا فإن التربة التي تحتوي على نسبة مرتفعة من أكاسيد الحديد تكون كثافتها أعلى من كثافة التربة المكونة أساساً من معادن الكوارتز والفلسبارات.

تتأثر قيمة الكثافة الظاهرية بنسبة المواد العضوية الموجودة في التربة، فوجود المادة العضوية يخفض من قيمة الكثافة الظاهرية بسبب تحسين بناء التربة حيث تشجع المادة العضوية عمليات تجميع الحبيبات وبالتالي زيادة المسامية ونقص الكثافة الظاهرية. وتتغير الكثافة تبعاً لعمق التربة ففي الطبقات السطحية تكون الكثافة الظاهرية  أخفض من الطبقات العميقة ويرجع ذلك إلى تأثير عمليات الحرث المستمر واحتواء التربة على المواد العضوية وكذلك عدم اختراق الجذور لهذه الطبقات بالإضافة إلى اندماج التربة تحت السطحية تحت تأثير وزن طبقات التربة التي تعلوها. وتعتبر العلاقة بين الكثافة الظاهرية والمسامية علاقة عكسية  فكلما ازدادت مسامية التربة، قلت كثافتها الظاهرية لذلك تكون الترب الطينية العالية المسامية أقل كثافة ظاهرية من الترب الرملية.

تلعب كثافة التربة دوراً في تحديد حجم المخزون المائي للتربة حيث توضح دراسة طرائق ترتيب الحبيبات وتكوين البناء الأرضي، حيث أن الحبيبات الصلبة توجد في التربة الطبيعية في توزيعات فراغية بينية وشقوق مكونة بناءً واضحاً يختلف باختلاف ظروف التربة .

...

mircosoft-partner

هل ترغب بارسال اشعارات عن اخر التحديثات في شمرا-اكاديميا