أخذت أغلب الروايات الفلسطينية اتجاهاً واقعياً بعد النكبة , وحملت على عاتقها نقل هموم الإنسان الفلسطيني ومعاناته , في مجتمعٍ يرزح تحت عنف الاحتلال وقسوته , وتحولت مهمّة الروائي الفلسطيني إلى مهمّةٍ نضاليةٍ جماليةٍ , هدفها تصوير الواقع المضطرب بصدق وأمانة ، ورصد إيقاع الحياة اليومية , وكل التحولات التي يعيشها الفلسطيني تحت الاحتلال , إذ أصبحت الرواية الفلسطينية تقدّم رؤية بانورامية لأبعاد الواقع , بكل ما يحفل به من معاناة وتمرّد ومواجهة. وانطلاقاً من أهمية الرواية الفلسطينية بوصفها مجالاً خصباً للدراسة , فقد اخترت روايات الكاتبة الفلسطينية ( سحر خليفة ) مضماراً لهذا البحث ، لما تتسم به أعمالها من خصوصية نسوية , ومن أسلوب سردي متميز, وجرأة في طرح قضايا الواقع بأسلوب مباشر ولغة شفافة، بالإضافة إلى عدم وجود دراسة مستقلة - في حدود اطلاعي - تتناول أعمالها الروائية , فكل ما عثرتُ عليه لا يتجاوز بعض الدراسات والمقالات التي تناولت بعض النتاج الروائي للكاتبة، منها كتاب ( شعرية الفضاء السردي ) للدكتور حسن نجمي ، الذي خُصِّص لدراسة المكان في بعض أعمالها الروائية ، وكتاب (الخطاب الروائي والقضايا الكبرى) لمحمد معتصم، درس فيه الكاتب النزعة الإنسانية في بعض روايات الكاتبة, ومقالة للدكتورة بثينة شعبان بعنوان " سحر خليفة وامرأة غير واقعية "، ومقالة للدكتورة ماجدة حمود بعنوان " المرأة في روايات سحر خليفة "، وغيرها من الدراسات المتفرقة التي لم تفِ الكاتبة حقّها من البحث الموسّع، والدراسة الوافية والشاملة لنتاجها الأدبي. ويهدف هذا البحث إلى دراسة أسلوب الكاتبة الروائي , و أهم مكوّنات السرد في أعمالها, وعلاقته بغيره من المكوّنات الروائية , وتعتمد الدراسة المنهج البنيوي التكويني ؛ لأنه يُعنى بتحليل النص السردي بوصفه نصّاً متعدّد المستويات الدلالية ، كما يحاول الإفادة من معطيات كل من المنهجَيْن الاجتماعي والنفسي في تحليل الشخصيات الروائية ، ودراسة علاقتها بالمكونات السردية الأخرى , ويبقى هدف هذا البحث هو الولوج إلى عالم النص الروائي , وتفكيك بنيته الفنية , بغية الوقوف على تفاصيل العالم الروائي للكاتبة . ولقد تمّ تقسيم البحث إلى مقدمة وستة فصول وخاتمة. تتحدث المقدمة عن علاقة الرواية الفلسطينية بالواقع بكل أبعاده , أما الفصل الأول محطات أولية ، فيتناول التعريف بالكاتبة وأعمالها الروائية , ومن ثم دراسة مصطلح السرد وتعدد المفاهيم حوله. ويأتي الفصل الثاني ليدرس مستويات الرؤية السردية , فيبين منظور السرد، والموقع الذي اتخذه السارد في الرواية , ثم يدرس أنماط السرد، وسماتها، وأسلوب توظيفها داخل العمل الروائي. ويتناول الفصل الثالث دور السرد في بناء الشخصية الروائية ، فيدرس طريقة تقديمها وتصنيفها، وعلاقتها بالحدث الروائي . ويُعنى الفصل الرابع بأهمية المكان، وعلاقته بالشخصية، وسائر المكونات الروائية, ودور الوصف في إبراز التضاريس المكانية ودلالاتها. أما الفصل الخامس فيدرس خصوصية الزمن الفلسطيني، وأبعاده الدلالية، وسائر التقنيات الزمنية الأخرى. ويتناول الفصل السادس دراسة اللغة بمستوياتها المختلفة , وأهم السمات الأسلوبية التي اتسمت بها روايات الكاتبة، ثم يُختم البحث بأبرز النتائج التي يمكن للدراسة أن تتوصل إليها