يُناقش هذا البحث الليبراليّة التهكميّة و طبيعتها البراغماتيّة في فلسفة ريتشارد رورتي، انطلاقاً من تحديد آليّة العلاقة بين الليبراليّة و التهكميّة، و إعادة التفكير ما بعد الحداثويّ في الليبراليّة و توضُّعاتها على الصعيد الفلسفي و السياسي، و ذلك من خلال الوقوف على التصوّر الحديث للدين عند رورتي، الذّي يُعتبر أهمّ قفزة أحدثها فيلسوفنا في عالمنا المعاصر، و ما لها من أثرٍ مميّزٍ في فلسفته النيوبراغماتيّة المتأثرة بفلسفة جون ديوي، و التّي دأبت على نقل الفكر الفلسفي و الديني إلى عالمنا الواقعي، و محاولة ً استدعاء أفكارنا اليوتوبيّة و استقطاب نفعيّتها، انطلاقاً من سياسة الاهتمام بمعاناة البشر و آلامهم، و متخطيّةً كلّ النظريّات الدينيّة و الليبراليّة التقليديّة القديمة . كما يهدف هذا البحث إلى إيضاح معنى اليوتوبيا الاجتماعية عند رورتي، و دورها و تجسيدها أيضاً من خلال محاكاة الذات الشعريّة في المجتمع الأمريكي، و الانتقال من المفردات النهائيّة إلى أخرى مفتوحة و لا نهائيّة، محاولةً تسليط الضوء على التجاوز الفلسفي- السياسي، الذي قدّمه رورتي من خلال الفلسفة النيوبراغماتيّة، حتّى نتمكّن من الوصول إلى ما يُعرف بالحوار أو المناقشة بين الأفراد، أي إمكانيّة الوقوف على أعتاب مجتمع محادثاتي، يقوم على أساس التوازن و التضامن الاجتماعيبين الأنا و الآخر.