بات العالم اليوم، و أكثر من أي وقت مضى، قرية كونية صغيرة بنتيجة ثورة المعلومات و الاتصالات و المواصلات التي تشهدها البشرية في ظل نظام عالمي رأسمالي الجنسية مُستقطب على نفسه إلى أطراف متخلفة منفعلة و مراكز متقدمة فاعلة. و في ظل الاستقطاب الرأسمالي العالمي القائم تُعاني البلدان الطرفية تخلفاً مزدوجاً؛ فهي، في آنٍ معاً، متخلفة تقنياً و بنيوياً. و بالتالي تجد نفسها أمام تحدّي هذا التخلف المركّب، سواء في حقل قوى الإنتاج كما في حقل علاقات الإنتاج. و لطالما تحدي التخلف في الحقل الأول يستوجب الارتباط بمراكز النظام العالمي عبر آليات السوق الرأسمالية، السائدة هناك و على المستوى الكوني، فإن تحدي التخلف في الحقل الثاني يستوجب، بدوره، فك الارتباط بتلك البلدان لهدف بناء علاقات إنتاج جديدة غير رأسمالية الهوية، كشرط بنيوي ضروري لضمان أسباب تطور قوى الإنتاج بموارد و كفاءات محلية ذاتية. الأمر الذي سرعان ما سوف يُفضي إلى قطع روابط التبعية، و بالتالي السيطرة الوطنية على الارتباط نفسه. و إذاّ، الارتباط عنصر ضروري من عناصر فك الارتباط، الذي لا يعني الانغلاق على الذات "الأوتاركية"، في أي حال من الأحوال. و بالنتيجة، المنطقية و الموضوعية، فإن جدلية الارتباط و فك الارتباط ترتبط، عضوياً، بجدلية السوق و التخطيط، و ذلك بصورة ارتباط ضرورَتَيْ إنماء قوى الإنتاج و بناء علاقات إنتاج ذات جوهر آخر مختلف.