الديموغرافيا علم كميٌّ نشأ على أسس علم الإحصاء، لكنّه سرعان ما طوّر طرائق و أدوات بحثية خاصّة في استجابة لخصوصية الظواهر الديموغرافية و لحقيقة احتياجها إلى أدوات قياس و تحليل تتجاوز ما يقدّمه الإحصاء التطبيقي. و هو وإن تقاطع مع علوم عدّة فإن له خصوصية تكمن في طبيعة تأثير عامل الزمن في ظواهره من جهة، و في حقيقة خضوع الوقائع الديموغرافية لتسلسل تراتبيّ لا بدّ من أخذه في الاعتبار عند الانتقال من تحليل ديموغرافي إلى تحليل اجتماعي للمعطيات و البيانات من جهة أخرى. يسلِّط البحث الضوء على خصوصية تراتبية الوقائع الديموغرافية هذه عبر محوَرين، يتناول أولهما الزمن كمفهوم ديموغرافي و طبيعة ارتباطه بتراتبية الوقائع الديموغرافيّة، و يتناول ثانيهما أثر هذه التراتبية في التحليل الاجتماعي للوقائع التي يشترك كلٌّ من الديموغرافيا و علم الاجتماع في السعي إلى تحليلها؛ كلُّ ذلك بغرض تبيان أهمية الربط بين التحليلين الديموغرافي و الاجتماعي في معالجة مختلف الوقائع الديموغرافية-الاجتماعية، و إيضاح النواقص التي يمكن أن تعتري بعض نماذج التحليل الاجتماعي ما لم يسبقها تحليل ديموغرافي للواقعة قيد الدراسة.