يعنى هذا البحث بتقديم رؤية عن البحر و أثره الفعّال في نماذج من القصّة القصيرة السّوريّة المعاصرة من خلال التطرق إلى أعمال مجموعة من القصّاصين الذين جابوا البحار بحثاً عن أسرار الحياة للوصول إلى فهم الكون، و الوقوف على معاناة جيران البحر، و تتجلى هذه الرؤية في الكتابات القصصيّة عند عبد القادر ربيعة، و محسن يوسف، و سمير جعارة، و آخرين. إن البحر في القصّة القصيرة السوريّة الحديثة، يرتبط مع قضايا الناس و تعبهم، و يجسّد علاقة الإنسان المصيريّة معه، و كأن أمواجه تنكفئ إلى أعماق الإنسان بحثاً عن الخلاص و حلم الحريّة. و يجسّد البحر في القصّة القصيرة هموم الإنسان، و ينتقل بفعل المعاناة من الهمّ الذاتيّ إلى الهمّ الوطنيّ و القوميّ عبر مقاومة بطوليّة و صراعات شاقة مع قوى الغزو الاستعماريّ المتحالفة مع أعداء الداخل التي حاولت استباحة شواطئ الوطن، فينتصر الإنسان العربيّ المقاوم على قوى الشر في ملحمة بطوليّة، و يجبرها على المغادرة، و هي تجر وراءها ذيول الخيبة.