يمر العالم حالياً و العالم الرأسمالي بخاصة، بأزمة اقتصادية لم يعرفها منذ العام 1929 ، و هي أوسع نطاقاً و أشد و أوسع مدى من كل ما مر به العالم الرأسمالي من أزمات على مدى تاريخه . إن الآليات الذاتية للتصحيح التي تملكها الرأسمالية، مكنتها سابقاً، و من المرجح - في تقديري - أنها ستمكنها حالياً من تجاوز أزمتها. و لكن ينبغي للمنظرين و صناع القرار أخذ العبر من الأزمة الأخيرة و استخلاص الدروس، و ثمة في الحقيقة بوادر إيجابية تمت ملاحظتها و أهمها: إعادة إحياء المبادئ الكينزية الخلاقة. لكن ثمة قضية مهمة تبقى مفتوحة على الآخر و تتعلق بالجانب الأخلاقي و القيمي للمجتمع الرأسمالي، و هي أن أي تقدم مادي - تقني، لن يكون مضموناً على المدى الأبعد، إلا إذا كانت توجهه و تعقلنه منظومة قيمية و أخلاقية تراعي المصالح العليا للمجتمع .