شكّل الجمع بين الخطابة و الشعر ظاهرة بارزة عند الشعراء الخوارج في العصر الأمويّ, فظهرت آثارها في شعرهم, الذي اتّسم بخطابيّة واضحة. و من أبرز هؤلاء الشعراء الخوارج؛ قطريّ بن الفجاءة إمام الأزارقة و خطيبهم و شاعرهم, الذي جاء شعره موشّحاً بالحجاج, و أساليب الإقناع؛ من شرح و تفصيل إلى تحسين و تقبيح. و يتخلّل ذلك كلّه اقتباس قرآنيّ أفاد منه في ترسيخ حجّته و تقوية إقناعه. و قد عمد قطريّ إلى أسلوب المقابلة التصويريّة سواء على مستوى البيت الواحد أو على مستوى القصيدة كاملة, و قد أفاد منه في إعادة الجانب التخييليّ إلى شعره, و التخفيف من طغيان النزعة الخطابيّة عليه, فضلاً عمّا يحقّقه هذا الأسلوب من مراوحة بين المعاني الشعريّة و المعاني الخطابيّة, ليحقق بذلك راحة للنفس, يضمَن من خلالها حسن الإجابة.