يحاول البياتي في قصيدته "عذاب الحلاج" أن يستفيد من بعض تقنيات السرد، من منطلق أن السرد ليس سمة في القصة فقط، إنما هو سمة في الخطاب اللغوي بشكل عام، و نظام في الأداء اللغوي يمكن أن نلمحه في أكثر من جنس أدبي، بيد أن استثمار تقنيات السرد في النص الشعري يأتي عبر أشكال تختلف عن السرد الحكائي، لأن القصيدة تحافظ على مقوماتها في الإيقاع و التصوير و التخييل و غير ذلك... فهذه التقنيات تميل بالنص إلى النزعة الدرامية، إذ تتعدد الأصوات، و الشخصيات، و يظهر المتن الحكائي قاعدة أساسية يبني عليها الشاعر نصه، و يستمد منها أفكاره و رؤاه، و هو يستثمر الحدث التاريخي بما يستدعي من مقتضيات تكونه في سبيل كتابة إبداعية تنتج نصاً شعرياً نوعياً يكثف السرد الحكائي في بنية تناسب ضرورات الشعرية، من هنا تسهم البنى السردية في إنجاز النص الشعري ، لكنها لا تطغى عليه، و لا تظهر في شكل بارز ينال من هيبة القصيدة، مما يعني أنها تأتي في معرض العناصر المتممة أو المؤازرة لإبداع القصيدة و الارتقاء بها نحو فضاء جمالي أكثر انفتاحاً على أنماط الخطاب الأخرى.