تأكيدًا لمبدأ سمو الدستور و صيانته، منح دستور 2012 ، المحكمة الدستورية العليا الاختصاص بمراقبة دستورية القوانين في الدولة، فإذا ما ثبت للمحكمة مخالفة القانون للدستور قامت بإلغاء ما كان مخالفًا لأحكامه، الأمر الذي جعل المحكمة الدستورية العليا، حارسة للشرعية الدستورية في الدولة. و من هنا قد يبدو غريبًا البحث في مدى دستورية قانون المحكمة الدستورية العليا،و هي المحكمة المختصة بتقرير مدى دستورية القوانين جميعها في الدولة فيما لو طعِن بدستوريتها أمامها. إلا إن هذا الأمر لا يلبث أن يتبدد إذا ما عرفنا آلية الطعن بدستورية القوانين التي تتطلب اعتراضًا من الرئيس أو من خمسِ أعضاء مجلس الشعب على دستورية قانون قبل إصداره،أو اعتراضًا منُ خمسِ أعضاء مجلس الشعب على دستورية مرسوم تشريعي خلال مدة خمسة عشر يومًا تلي تاريخ عرضه على المجلس، أو من خلال إحالة دفع بعدم الدستورية من قبل المحكمة الناظرة في الطعن، فيما لوثبت لها جدية ذلك الدفع، و هي آلية قد لا تتحقق نتيجة عدم توافر نسبة الخمس اللازمة لتحريك اعتراض أعضاء مجلس الشعب، أو نتيجة لسهو المشرع العادي عن الانتباه لوجود مخالفة دستورية في القانون أصلا. لذلك يأتي هذا البحث في محاولة لإلقاء الضوء على المخالفات الدستورية التي اعترت قانون المحكمة الدستورية العليا، أملا في تنبيه المشرع، على ضرورة تعديل قانون المحكمة،إذ لا يعقل أن يكون قانون المحكمة الدستورية العليا، معيبًا بعدم الدستورية.