لا تكاد تنفصل قضية (تداخل الأنواع) في الفكر النقدي _ في وجهٍ أساسي من وجوهها عن باقي المظاهر التي تجسد الطبيعة الجديدة و المتحولة لتطور الفكر الإنساني، إبان الانتقال من القرن العشرين إلى القرن الحادي و العشرين، تلك الطبيعة التي أخذت إرهاصاتها أشكالاً أكثر فجاجةً و وضوحاً منذ العقد الأخير من القرن الماضي؛ فبدا واضحاً حينذاك أن حركة تطور المجتمعات _ و لاسيما المتقدمة منها _ تسعى إلى أن تتخفف _ بوعي أو من دون وعي _ من الشكل المعياري لأنظمة التفكير التي كانت سائدة من قبل؛ فتلقي عن كاهلها كل نظام يتطلب ضرباً من القواعد الصارمة _ بما في ذلك الأنظمة المقدسة _ و تتجه نحو الأنظمة الحرة غير المقيدة؛ و كأنها تعكس في جوهرها الداخلي: (ثورةً على سطوة القاعدة). و هذا يقتضي من الباحثين إعادة النظر في قضية تداخل الأنواع على ضوء انسجامها مع الثقافة العربية التي تقوم على نظام معياري.