يبين هذا البحث مدى سلطة الفقه الجنائي الإسلامي على جرائم أولياء أمور المسلمين، و للوصول إلى ذلك يحرر محل النزاع بين الفقهاء فيما اتفقوا عليه في هذا الموضوع، و هو التسوية بين الأفراد جميعاً أمام أحكام الشريعة الإسلامية عموماً، و ما اختلفوا فيه عند بيانهم الأحكام التطبيقية لذلك الأصل المتفق عليه. و قد اختلف الفقهاء في تطبيق العقوبات على رئيس الدولة الإسلامية على قولين: الأول للحنفية الذين فرقوا بين أن يصيب ولي أمر المسلمين جريمة من جرائم حق الله عز و جل و بين أن يصيب جريمة من جرائم حق العبد، فبينما ألزموه بعقوبات جرائم حق العبد لم يخضعوه لعقوبات جرائم حق الله عز و جل . و الثاني لجمهور الفقهاء الذين ذهبوا إلى عدم التفريق بين جرائم حق الله و جرائم حق العبد في تطبيقهما عليه. كما استعرض البحث أدلة كل من الفريقين، و انتهى إلى أن الراجح في هذه المسألة هو إلزام ولي أمر المسلمين بعقوبات الجرائم جميعها من الناحية النظرية و التطبيقية. كما انتهى البحث إلى أن التشريع الجنائي الإسلامي من حيث الأصل يمنع سلطة المحكمة الجنائية الدولية أو ما يشابهها من هيئات و منظمات على أحد من أصحاب المناصب في الدولة الإسلامية فضلاً عمن سواهم من عوام الأفراد. جاء البحث عاماً في فكرته، فهو يتناول كل جرم يصيبه ولي أمر مسلم، كما يشمل الرؤساء و الحكام المسلمين جميعهم دون أن يضيق أفقه على جرم أو فرد أو موقف بعينه.