حازت اللغة المستخدمة في وسائل الإعلام اهتمام أهل اللغة وأهل الإعلام معًا، لأن الإعلام يحتاج إلى لغة يوصل بها رسالته إلى المتلقي، و اللغة تحتاج إلى من ينشرها و يعممها، و يضعها في الاستعمال العام الحي. نظر أهل اللغة بريبة إلى المستوى اللغوي الذي استخدمه أهل الإعلام في وسائلهم المختلفة، و من هنا كان الحديث عن لغة الإعلام مشروعًا، و كان البحث فيها مستمرًا، منذ أن انتشرت الصحافة، و استقرت في البلاد العربية، إلى أن عمت فضائيات التلفاز العربية و المستعربة أقطار الأرض، و دخلت كل بيت. فصار للإعلام خطره الواضح في حاضر اللغة و مستقبلها، و صارت معالجة هذا الخطر ضرورة حياتية وواجبًا على كل محب للغة القومية، لغة الحضارة الإسلامية العريقة و تراثها الغني، لغة ملايين العرب التي يتطلع إليها مئات الملايين من المسلمين. و هذا البحث إطلالة على هذه المشكلة و تذكير بها، و استكمال للبحوث السابقة التي ظهرت في بلاد عربية مختلفة منذ أمد بعيد، شارك فيها باحثون في اللغة و الإعلام و الاجتماع و السياسة، درسوها و أوضحوا أصولها، و بينوا تطورها و أخطاءها، ليتسلح بها طلاب كليات الإعلام و العاملون في وسائل الإعلام المكتوبة و المسموعة و المرئية. لذلك إن الإعلام يؤدي مهمتين متعاكسين في لغة الأداء العربية: الأولى إيجابية، يخدم فيها اللغة العربية و ينشرها و يعممها على المتعلمين و الأميين. و الثانية سلبية، يشجع فيها المحكيات المحلية، و ينشر أخطاء اللغة و يثبتها في الأذهان وعلى الألسنة، و يكرس الحالات الانفصالية بين أقطار الأمة العربية.