تستدعي كتابات جورج سانتيانا الانتباه على نحو متكرر إلى المغزى و المعنى النهائي لدى المثال ـ الصورة ـ بالنسبة لتجربة الإنسانية من حيث إعطاء معنى وقيمة لنشاطاتنا. فإذا لم يكن الإنسان مهتماً بخواص الأشياء, أو التي يمكن أن تكون لها, فمن الصعب القول إنه يعيش على الإطلاق بأي معنى أخلاقي هام. إن احد أهم ما يميز فكر سانتيانا, هو إنه عبارة عن مزيج مؤلف من اتحاد الطبيعة مع الميتافيزيقا, و الإنسانية مع الأخلاق, والواقعية مع نظرية المعرفة. ولقد هيمنت هذه المذاهب على مجمل مؤلفاته فيما يعرف بالمرحلة المتوسطة من حياته, وخاصة في كتابه "حياة العقل". وفي ذلك كانت الروافع الرئيسة التي بنى بالقياس إليها نظريته الفلسفية – المادية والتي أراد لهل أن تشكل بديلاً هاماً وقوياً أمام كل من المثالية المختصرة والمادية الضعيفة اللتان تعتبران ـ حسب رأيه ـ ثمرتان من ثمار القرن التاسع عشر. سنحاول في هذا البحث دراسة النزعة المادية وتوضيحها ، وذلك من خلال نصوص سانتيانا الكثيرة في كتابه (حياة العقل). وسنحاول أيضاً أن نبين إن ماديته لم تكن من النوع القصيرة النظر التي تؤمن بأن الموجودات المادية هي الحقيقة الواقعية الوحيدة.