آخر الاسئلة
يعتبر الجسم البشري قادر على تنظيم درجة الحرارة المركزية ضمن الحدود الطبيعية عبر جهاز معقد يحقق التوازن بين فقدان الحرارة وتوليدها .
الوطاء وهو مركز تنظيم الحرارة في الجسم يعد حساس لدرجة حرارة الدم الجائل عبر مستقبلات موجودة في الجملة الوعائية العصبية ,كما يقوم بالتنبيه العصبي الذاتي للغدد العرقية عند حدوث ارتفاع درجة حرارة الجسم.
وهذه الاستجابة ضرورية لأنها تحمي الجسم البشري من مخاطر ارتفاع درجة الحرارة التي تتجلى باضطراب في عمل الجهاز العصبي واضطراب في بنية البروتينات , بينما تكون درجات الحرارة المنخفضة سبب في بطء ضربات القلب .
ويقوم الجسم بالتنظيم الحراري عبر ثلاث آليات : الحس الوارد والتنظيم المركزي والاستجابة الصادرة .
فعندما يحدث التنبيه تستقبل الإشارة وتنقلها نورونات لديها مستقبلات حساسة للحرارة موجودة في الجلد والأنسجة العميقة والجملة العصبية ويتم معالجة الأمر في الدماغ ثم يتم نقل الاستجابة عبر السبيل الصادر وحسب الموجودات فإن الجسم سوف يرتعش ويتعرق أو يحدث توسع وعائي تحت الجلد.
...
تعد المحافظة على بيئة حرارية معتدلة من أهم التحديات التي تواجه الطفل بعد الولادة .
إن التنظيم الحراري عند حديث الولادة هام جداً لما له من دور في خفض نسبة الوفيات والمراضة والاستشفاء .
يُعرَّف التنظيم الحراري عند حديث الولادة هو القدرة على الموازنة بين فقدان الحرارة وتوليدها في عملية للحفاظ على استقرار درجات الحرارة ضمن الحدود الطبيعية .
تم تحديد درجة الحرارة الطبيعية في كل من الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال والجامعة الأمريكية لأمراض النساء والتوليد ومنظمة الصحة العالمية بين 36.5 -37.5 درجة مئوية في عام 2003 , بينما قامت جمعية العناية الفائقة بالحالات عالية الخطورة لدى حديثي الولادة بتحديد درجة الحرارة الطبيعية بين 36.3 - 37.2 درجة مئوية وذلك عام 2012.
...
يعتمد تنظيم درجة حرارة الجسم على الفعالية الوعائية الحركية والآلية الحاثة للغدد العرقية .
فعند الولادة تحدث عدة تبدلات فيزيولوجية تعتمد على الوطاء بالدرجة الأولى والمستقبلات الموجودة بالجلد.
وتحدث الاستجابة إما بالتوسع الوعائي لارتفاع درجة حرارة الوسط المحيط حيث يزداد تدفق الدم باتجاه المحيط مما يساعد في تبدد الحرارة كوسيلة لترطيب الجسم , أو تكون الاستجابة بشكل معاكس بالتقبض الوعائي الذي ينقص جريان الدم وينقص ضياع الطاقة الحرارية .
إن الطفل حديث الولادة المولود بصحة جيدة يواجه انخفاض بدرجة الحرارة عند الولادة تحرض لديه تفعيل آليات توليد الطاقة الحرارية .
ولكن عندما يجفف الطفل بشكل جيد ويوضع غطاء دافىء عليه ويتم وضعه مع الأم بتماس مباشر مع الجلد فإنه سوف يقلل من ضياع الحرارة .
وبالمقابل إذا ترك الوليد دون غطاء أو بوسط بارد فإن ضياع الحرارة سوف يكون أكثر من إنتاجها وبالتالي سيكون الطفل معرضاً لخطر الأصابة بانخفاض حرارة الجسم .
عند الولادة مباشرة تنخفض درجة الحرارة بين 1-3 درجة مئوية , وعادة يكون الانخفاض الأكبر بالدقائق الأولى بعد الولادة ولكن يمكن أن يستمر لعدة ساعات.
بشكل عام فإن الولدان الأصحاء لايظهر عليهم عادة أي تأثيرات جانبية لهذا الانخفاض المفاجئ بدرجات الحرارة , أما الخداج فهم معرضون لخطورة الإصابة بأذية البرد بشكل أكبر وذلك بسبب نقص النسيج البني وزيادة سطح الجسم نسبة للوزن مما يسبب ضياع للحرارة وضعف إنتاجها .
قامت منظمة الصحة العالمية بوضع تصنيف لدرجات الحرارة حيث تكون طبيعية بين 36.5- 37.5 درجة مئوية .
ويصنف انخفاض الحرارة إلى خفيف بين 36-36.5 درجة مئوية , ومتوسط بين 32 – 36 درجة مئوية , وانخفاض شديد بدرجة الحرارة عندما تكون اقل من 32 درجة مئوية .
بينما ارتفاع درجة الحرارة يكون أعلى من 37.5 درجة مئوية.
إن نقص القدرة على توليد الطاقة الحرارية والمحافظة عليها يحدث بسبب كبر سطح الجسم نسبة للوزن, نقص سماكة الجلد والنسيج الشحمي تحت الجلد , نقص المخزون من الغليكوجين والشحوم , بالإضافة لعوامل بيئية مرافقة منها الحمل والنقل والتماس والتبخر والإشعاع .
تسبب انخفاض درجات الحرارة اختلاطات عديدة منها زيادة الحاجة للأوكسجين , صعوبات بالإنعاش, زيادة حدوث اضطرابات التخثر , الحماض , تطور متلازمة الضائقة التنفسية الحادة, التهاب الكولون النخري وزيادة نسبة المراضة من الإنتانات .
يعود عدم اكتمال نضج التنظيم الحراري عند الخديج بسبب نقص مخازن النسيج الشحمي البني الذي يكون موجوداً بين الأسبوع 26-28 أسبوع حملي ويستخدمه المولد لإنتاج الطاقة الحرارية لمدة 3 – 6 شهور بعد الولادة (6) .
...
في الحياة الرحمية لايستطيع الجنين القيام بالتنظيم الحراري وإنما يعتمد بشكل كامل على الأم في حال أي ارتفاع أو انخفاض بدرجات الحرارة , ولذلك فإن آليات المعاوضة الجنينية غير فعالة في الرحم .
يتم الحفاظ على درجة حرارة ثابتة للجنين بحيث تكون أعلى بـ 0.5 درجة مئوية من درجة حرارة الأم.
وتعد درجة الحرارة المحيطية والمركزية متماثلة , وتقارب درجة حرارة السائل الامينوس المحيط بالجنين من درجة حرارة الجنين وتقل بـ 0.3 درجة مئوية .
للمحافظة على ثبات درجة حرارة الجنين كان لابد من وجود مدروج حراري والدي جنيني ليتم توجيه الحرارة بعيداً عن الجنين.
بالمقارنة مع طفل حديث الولادة فإن الجنين لايستطيع توليد الحرارة بسبب وجود آليات في الرحم مثبطة لتوليد الحرارة .
هذه المثبطات يتم إنتاجها في المشيمة وتدخل للدوران الجنيني , أهمها عاملين هما :
- الأدينوزين
- البروستاغلاندين E2.
هذه العوامل المثبطة تلعب دوراً هاماً في التكيف الاستقلابي لنقص الأكسجة الفيزيولوجي لدى الجنين وذلك لأن طرق توليد الحرارة الغير معتمدة على الارتعاش تتطلب معدل أكسجة مرتفع .
ولذلك فان وجود مثبطات لآليات توليد الحرارة الغير معتمد على الارتعاش يسمح للجنين بتراكم كميات من النسيج الشحمي البني قبل الولادة .
يتم إنتاج الطاقة الحرارية لدى الجنين اعتماداً على استهلاك الاوكسجين .
بشكل عام يتم إنتاج خمس وحدات حرارية لكل ميلي ليتر من الأوكسجين , لذلك فإن نسبة استهلاك الأوكسجين وإنتاج الطاقة الحرارية تتبدل وفقاً لتزويد الجنين بالأوكسجين .
إن النسيج الجنيني فعال استقلابياً لذلك فإن معدل إنتاج الطاقة الحرارية هو الضعف بالنسبة للبالغ وبالتالي يتم تكيف الجنين استقلابياً حسب توافر نسبة الأكسجة لديه .
وهنا تبرز التحديات التي تواجه الجنين في حال تعرضه لنقص الاكسجة , لاتوجد دراسات كافية لتفسير الموجودات حتى الآن , ولكن يتم الاعتقاد بإن الكبد يلعب دوراً رئيسياً حيث عندما يتعرض الجنين أو حديث الولادة لنقص حاجته للأوكسجين .
وبالتالي يعتمد الطريق الأساسي للتنظيم الحراري للجنين على الدوران السري , حيث الحاجز الغشائي الرقيق وزيادة السطح والسرير الوعائي ( معدل تدفق الدم فيه ) , جميعها تسمح بحدوث التبادل الحراري عبر المشيمة .
كمية الطاقة الحرارية الناتجة من المشيمة و السرير الوعائي تعتمد على معدل تدفق الدم ودرجة حرارته , وبالتالي فإن نقص معدل تدفق الدم الناتج عن التقلصات يؤدي إلى خلل في نقل الطاقة الحرارية مما يسبب ارتفاع درجة حرارة الجنين.
ومن الأمور التي تسيء للجنين هو ارتفاع حرارة الأم حيث يحدث تدفق سريع للدم إلى الجلد مما يسبب في نقص تدفق الدم إلى الكليتين والأمعاء والرحم , وهذا يؤثر على الجنين ويسبب نقص أكسجة وحماض .
ومن الحالات التي تهدد حياة الأم والجنين انفصال المشيمة الباكر حيث يتوقف تدفق الدم للجنين وتنعدم قدرته على تعديل الطاقة الحرارية وهذا يؤثر لاحقاً على الجنين وخاصة الجملة العصبية .
وهذا ما أكدته دراسة لـ Asakura حيث وجدت أن درجة حرارة الطفل بعد الولادة بفترة قصيرة تكون أعلى في حالات التفاف الحبل السري وقد تم تفسير ذلك أن درجة الحرارة الجنين تتغير بسرعة استجابة لأي تبدل في تدفق الدم عبر الحبل السري مما يسبب في ارتفاع حرارة الجنين.
...