Last Question
يرتبط التّفكير البصريّ بالنّصف الأيمن للمخّ, إذ إنّه المسؤول عن الإدراك الكليّ, والقدرة على التّركيب والتّعلّم البصريّ, ويربط بين أشكال الاتّصال البصريّة واللّفظيّة في الأفكار. وتتّسم طبيعة العقل البشريّ بالتّوازن ما بين حاسة السّمع والبصر, وبقية الحواسّ وإدراك الحركات, ولكن ما يحدث في أرض الواقع هو سيطرة الحواسّ البصريّة, حيث يستطيع المخّ إدراك ((36000 صورة في الدّقيقة, ولذلك فمن الضّروريّ العمل على زيادة الاهتمام بالقدرة البصريّة لدى الإنسان وتوظيفها في التّعلم.
وللمتعلّم ذاكرتان أحدهما بصريّة والأخرى لفظيّة، ويؤدي ترميز المعلومات في الذّاكرتين إلى تذكّرها بصورةٍ أفضل من ترميزها بإحدى الذّاكرتين، فالنّجاح الكبير الّذي تحقّقه وسائل التّعلّم البصريّ بوصفها وسائل للتّعبير عن المعلومات اللّفظيّة يعزى إلى أنّ المتعلّم يمتلك ذاكرة بصريّة أقوى من ذاكرته اللّفظيّة، أي أنّه يتذكر الصّور أكثر من تذكّره الكلمات، وإنّ الذّاكرة البصريّة أكبر مقاومة للنّسيان من الذّاكرة اللّفظيّة إذ يقول (أرسطو) "يستحيل التّفكير بلا صورة فحتّى الكلمات ما هي إلاّ صور للأشياء" وبعد الرّجوع إلى العديد من الأدبيات التّربويّة وجدت الباحثة تعريفات عدّة للتّفكير البصريّ منها أنّه:
- قدرة عقليّة مرتبطة بصورةٍ مباشرةٍ بالجوانب الحسيّة البصريّة, إذ يحدث هذا التّفكير حينما يكون هناك تناسق متبادل بين ما يراه المتعلم من أشكال ورسومات وعلاقات, وما يحدث من ربط ونتاجات عقليّة معتمدة على الرّؤيا والرّسم المعروض .
- منظومة من العمليات تترجم قدرة الفرد على قراءة الشّكل البصريّ, وتحويل اللّغة البصريّة الّتي يحملها الشّكل إلى لغةٍ لفظيّةٍ مكتوبةٍ أو منطوقةٍ, واستخلاص المعلومات منه .
- قدرة الفرد على الوصول إلى المعرفة من خلال تحليل الموقف, وإدراك العناصر المتضمنة فيه بصورةٍ كليّة, معتمداً على الخبرات السّابقة, وقدراته الذّاتية .
- ووضعت مجموعة الأيدون IDON Group (وهي مجموعة تهتم بتشجيع الأفراد والمؤسسات على الممارسات الأفضل لاتّخاذ القرار والتّعلم من خلال تدريبهم على التّفكير البصريّ) تعريفات عدّة للتّفكير البصريّ والّتي منها:
- فنّ جديد للحوار يجمع بين أشكال الاتّصال البصريّة واللّفظية في الأفكار.
- وسيط للاتصال يمكّن الأفراد والجماعات من الفهم الأفضل، والمشاركة في رؤية الموضوعات المعقدة أو التّفكير فيها .
وهكذا فإنّ التّفكير البصريّ هو قدرة عقليّة تعتمد على حاسّة البصر, يقوم المتعلّم من خلالها بإدراك المثيرات البصريّة (رسومات, وصور, وأشكال...الخ) وتمييزها, وتفسير المعلومات المتضمنة فيها وتحليلها, بما يساعد على استنتاج المفاهيم والمبادئ العلميّة منها, معتمداً في ذلك على خبراته السّابقة وقدراته الذّاتية.
...